هجرة الرجال جعلت المرأة المصدر الأساسى للعمالة الزراعية!!
تعبر التنمية عن جهود إنسانية مجتمعية للتأثير فى التحويلات الاقتصادية والمجتمعية بصورة مخططة منظمة مستمرة، وللمرأة دور هام فى التنمية الاقتصادية فهى تساهم فى معظم مجالات النشاط الاقتصادى والاجتماعى ورغم أهمية دورها وما تمثله من قوة عددية مساوية تقريبا للرجل إلا أن المعتقدات الثقافية، والقيم المجتمعية وأحيانا القوانين الوضعية فى بعض المجتمعات ولا سيما الريفية منها تعوق تحقيق تقدمها أو تحسن أدائها وبالتالى مكانتها فى المجتمع.. وهذا ما تعرضت له الدراسة التى أعدتها الباحثة الزراعية فريدة عبد النبى نصار حول المحددات الاقتصادية والاجتماعية لدور المرأة فى التنمية الزراعية – والتى أكدت على أن النساء مزارعات أساسيات فلهن دور مهم فى الانتاج الزراعى، فبسبب هجرة الرجال أصبح النساء والأطفال يشكلون مصدر هام للعمالة الزراعية، فالنساء تضطلعن بعمليات جنى المحصول والتخزين وإعداد الغذاء ورعاية الأطفال وتحقيق الأمن الغذائى للأسرة، كما أن هناك من العوامل التى تملى على المرأة عملها وهى السن والملكية والمستوى الاجتماعى ومحل الاقامة ونوعية المحاصيل.. ومن أهم المشكلات التى تعرضت لها هذه الدراسة الفشل فى حصر النساء اللاتى يشاركن بفاعلية من الناحية الاقتصادية فى القطاع الزراعى، وكذلك عدم توافر معلومات دقيقة حول المهام المحددة التى تؤديها المرأة ومقدار الوقت الذى تقضيه فى أداء المهام كما أن تقييم العمل يختلف حسب حجم المزرعة والموسم وبالتالى لا يصلح الاعتماد عليها فى التعميم أو فى استنساخ النتائج حول نساء بلد أو حتى محافظة معينة..وتهدف هذه الدراسة فى الأساس إلى تحقيق التعرف على الدور العام للمرأة فى التنمية الزراعية من خلال مؤشر مركب..والتعرف على العوامل المؤثرة على دور المرأة فى التنمية الزراعية.. واعتمدت الدراسة على الاستبيان بالمقابلة الشخصية كوسيلة لجمع البيانات لعينة من السيدات الريفيات، وقد تم تحويل هذه البيانات من صورتها الوصفية إلى الصورة الكمية، وذلك بإعطائها قيمة رقيمة مناسبة لتسهيل عملية التحليل الاحصائى، وقد تم اختيار عددا من المراكز الريفية التى تتميز عن غيرها بكبر حجم النشاط الزراعى وتميزها فيها.. واعتمادا على البيانات الميدانية التى تم الحصول عليها من عينة الدراسة، اتجهت هذه الدراسة نحو محاولة أولية لتحديد أهم المتغيرات ذات العلاقة بدور المرأة فى التنمية على اعتبار أن النتائج الأولية تشير بوضوح إلى أدوار متعددة لها فى كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم فإن الوصول إلى التقديرات الكمية التى يمكن من خلالها دراسة مختلف العلاقات بين العوامل المؤثرة فى دور المرأة فى التنمية من جانب والمتغيرات التى تقيس الدور ذاته من جانب آخر، وبعبارة أخرى فإن التحليل الاحصائى يقتضى تحديد المتغيرات التابعة وتلك المستقلة حتى يمكن إدخال هذه المتغيرات فى علاقة احصائية يمكن قياسها ومن ثم قمكن اختبارها، ومن أهم المتغيرات الكمية التى تعرضت لها هذه الدراسة "تقدير وتكوين المتغيرات التى تعكس دور المرأة فى التنمية" واستهدفت فيه هذه الدراسة تكوين مؤشر مركب يعكس دور المرأة فى التنمية الزراعية، بحيث يتضمن هذا المؤشر مساهمة المرأة فى الانتاج انباتى، والتسويق الزراعى، والانتاج الحيوانى، والتصنيع الغذائى المنزلى، وكذلك مساهمتها فى المشروعات الصغيرة، وقد تم الحصول على البيانات الأولية للمتغثرات التى تعكس المساهمات السابقة من نتائج تفريغ استمارات الاستبيان وباعطاء قيم كودية لكل متغير تتناسب وطبيعته بهدف وضع البيانات فى صورة مقبولة احصائيا، ولذا تم تحويل المتغيرات التى تعكس مساهمة المرأة فى العمليات الزراعية المختلفة إلى متغيراتا كمية حتى يمكن تحليلها احصائيا ومعالجتها بعدة طرق، وقد تم ترقيم المتغيرات بهدف تسهيل التعامل معها وتفسيرها... وتوصلت نتائج التحليل الوصفى لمتغيرات هذه الدراسة إلى أن متوسط عدد ساعات مساهمة المرأة السنوية فى التنمية الزراعية بعينة الدراسة 41ساعة وتتراوح قيمة المرشر المركب من عدد ساعات المساهمة من صفر إلى 239 ساعة سنويا.. وقد أجرت الدراسة عدة محاولات لمعرفة أهم المتغيرات المحددة لدور المرأة فى التنمية الزراعية وذلك من خلال اختبار مدى صحة فروض الدراسة ومعنوياتها بإستخدام معاملات كا، وتقدير درجة الارتباط بين متغيرات الدراسة وبعضها البعض واتجاهها "طردى أم عكسى" باستخدام مصفوفة معاملات الارتباط البسيط، وكذلك استخدام أسلوب الانحدار لايجاد العلاقة بين المتغيرات التابعة والمتغيرات المستقلة وتحديد أهم محددات دور المرأة فى التنمية..وقد تبين أن المتغيرات التى تؤثر على دور المرأة فى التنمية الزراعية يمكن تحديدها فى أربعة متغيرات رئيسية هم حيازة الأرض وعمر الزوج وتربطهما بدورها التنموى علاقة طردية أم أنه بزيادة الحيازة من الأرض الزراعية تزداد مشاركة المرأة فى التنمية، وهو ما توصلت إليه الدراسات السابقة من قبل حيث نادت بتمكين المرأة وإدماجها فى جهود التنمية، وكذلك مهنة الزوج حيث تزداد مشاركة المرأة التى يشتغل زوجها بالزراعة فى التنمية عن غيرها، وكانت علاقة كل من عمر الزوج ونوع الأسرة عكسية مع دور المرأة فى التنمية الزراعية فكلما كان عمر الزوج صغيرا كلما زادت مشاركة المرأة له فى تحمل عبء العمل فى الحقل والمنزل، وكلما كانت أقدر على ذلك وقد يرجع ذلك إلى رغبة من هم أصغر سنا فى تحسين مستوى المعيشة إلى جانب التغيير الاجتماعى والثقافى فى المعتقدات البالية والتى كانت تحرم على المرأة الخروج للعمل فى بعض الأحيان، وأخيرا تشير نتائج التقدير الاحصائى أن حوالى 33% من التغيرات فى درجة مساهمة المرأة فى التنمية الزراعية ترجع إلى المتغيرات الأخرى والتى تم التنويه عنها فى فروض الدراسة "متغيرات تتعلق بالبيئة الخارجية والمحيطة بالمرأة" والتى تتمثل فى المؤسسات والتشريعات والمنظمات غير الحكومية، وقطاع الائتمان، بالإضافة إلى العادات والتقاليد...