يلقب بسلطان الموحدين رضي الله عنه وأرضاه
قال الشيخ عبد الرحمن الجبرتي في عجائب الآثار:
هو
الإمام الولي الصالح المعتقد المجذوب العالم العامل الشيخ علي ابن حجازي
بـن محمـد البيومي الشافعي الخلوتي ثم الأحمدي ولد تقريبًا سنة 1108 حفظ
القرآن في صغره وطلب العلم وحضر دروس الأشياخ وسمع الحديث والمسلسلات على
عمر بن عبد السلام التطاوني وتلقـن الخلوتيـة من السيد حسين الدمرداش
العادلي وسلك بها مدة ثم أخذ طريق الأحمدية عن جماعـة ثم حصل له جذب ومالت
إليه القلوب وصار للناس فيه اعتقاد عظيم.
وانجذبت إليه الأرواح
ومشى كثير من الخلق على طريقته وأذكاره وصار له أتبـاع ومريـدون وكـان
يسكـن الحسينيـة ويعقـد حلـق الذكـر فـي مسجـد الظاهـر [أي الظاهر بيبرس]
خـارج الحسينيـة وكان يقيم به هو وجماعته لقربه من بيته وكـان ذا واردات
وفيوضـات وأحوالـه غريبـة.
وألـف كتبـًا عديـدة منهـا شـرح
الجامـع الصغيـر وشـرح الحكم لابن عطاء الله السكندري وشرح الإنسان الكامل
للجيلي وله مؤلف في طريق القوم خصوصًا في طريق الخلوتية الدمرداشية ألفه
سنة 1144 وشرح الأربعين النووية ورسالـة فـي الحـدود وشـرح علـى الصيغـة
الأحمديـة وشـرح علـى الصيغـة المطلسمـة ولـه كلـام عال في التصوف وإذا
تكلم أفصح في البيان وأتى بما يبهر الأعيان وكان يلبس قميصًا أبيض وطاقية
بيضـاء ويعتـم عليهـا بقطعـة شملـة حمراء لا يزيد على ذلك شتاء ولا صيفًا
وكان لا يخرج من بيته إلا في كل أسبوع مرة لزيارة المشهد الحسيني وهو على
بغلة وأتباعه بين يديه وخلفه يعلنون بالتوحيد والذكر وربما جلس شهورًا لا
يجتمع بأحد من الناس.
وكانت كرامات ظاهرة.
ولما كـان
يعقـد الذكـر بالمشهـد الحسينـي فـي كـل يـوم ثلاثـاء ويأتـي بجماعتـه علـى
الصفة المذكورة ويذكرون فـي الصحـن إلـى الضحـوة الكبـرى قامـت عليه
العلماء وأنكروا ما يحصل من [الغبار] في الجامع من أقدام جماعته إذ غالبهم
كانوا يأتـون حفـاة ويرفعـون أصواتهـم بالشـدة وكـاد أن يتـم لهـم منعـه
بواسطـة بعـض الأمـراض فانبرى لهم الشيخ الشبراوي وكان شديد الحب في
المجاذيب وانتصر له وقـال للباشـا والأمـراء: هـذا الرجـل مـن كبـار
العلمـاء والأولياء فلا ينبغي التعرض له.
وحينئذ أمره الشيـخ
بـأن يعقـد درسـًا بالجامـع الأزهـر فقـرأ فـي الطيبرسيـة الأربعين النووية
وحضره غالب العلماء وقـرر لـه مـا بهـر عقولهـم فسكتـوا عنـه وخمـدت نـار
الفتنـة.
ومـن كلامـه في آخر رسالة الخلواتية ما نصـه: فمـن
منـن اللـه علـي وكرمـه أنـي رأيـت الشيـخ دمـرداش فـي السمـاء وقـال لـي
لا تخف في الدنيا ولا في الآخرة وكنت أرى النبي صلى اللـه عليـه وسلـم فـي
الخلـوة فـي المولـد فقـال لـي فـي بعـض السنيـن لا تخـف فـي الدنيـا ولا
فـي الآخـرة ورأيتـه يقـول لأبـي بكـر رضـي اللـه عنه اسع بنا نطل على
زاوية الشيـخ دمـرداش وجـاءا حتـى دخـلا فـي الخلـوة ووقفـا عنـدي وأنـا
أقـول اللـه اللـه وحصـل لـي فـي الخلوة وهم في رؤيـة النبـي صلـى اللـه
عليـه وسلـم فرأيـت الشيـخ الكبيـر يقـول لـي عنـد ضريحـه مـد يـدك إلـى
النبي صلى الله عليه وسلم فهو حاضر عندي.
ورأيته في خلوة الكردي
يعني الشيخ شرف الدين المدفون بالحسينية بين اليقظة والنوم وأنا جالس
فانتبهـت فرأيـت النـور قـد مـلأ المحـل فخرجت منها هائمًا فحاشني بعـض مـن
كـان فـي المحـل فوقفـت عنـد الشيـخ ولـم أقـدر علـى العـود إلـى الخلـوة
مـن الهيبـة إلـى آخـر الليـل.
وتبسـم فـي وجهـي مـرة وأعطانـي خاتمـًا وقـال لـي والـذي نفسـي بيـده فـي غد يظهر ما كان مني وما كان منك.
ومن
كراماته أنه كان يتوب العصاة من قطاع الطريق ويردهم عن حالهم فيصيرون
مريدين له وذا سمعته من الثقات ومنهم من صار من السالكين وكان تارة يربطهم
بسلسلة عظيمة من حديد في عمدان مسجد الظاهر وتارة بالشوق في رقبتهم يؤدبهم
بما يقتضيه رأيه.
وكان إذا ركب ساروا خلفه بالأسلحة والعصي وكانت
عليه مهابة الملوك وإذا ورد المشهد الحسيني يغلب عليه الوجد في الذكر حتى
يصير كالوحش النافر في غاية القوة فإذا جلس بعد الذكر تراه في غاية
الضعف.
وكان الجالس يرى وجهه تارة كالوحش وتارة كالعجل وتارة كالغزال.
ولما كان بمصر مصطفى باشا مال إليه واعتقده وزاره فقال له: إنك ستطلب إلى الصدارة في الوقت الفلاني فكان كما قال له الشيخ.
فلما
ولي الصـدارة بعـث إلـى مصـر وبنى له المسجد المعروف به بالحسينية وسبيلًا
وكتابًا وقمة وبداخلها مدفن للشيخ علي على يد الأمير عثمان أغا وكيل دار
السعادة ولمـا مـات خرجـوا بجنازتـه وصلي عليه بالأزهر في مشهد عظيم ودفن
بالقبر الذي بني له بداخل القبة بالمسجد المذكور.
وزيادة على ما قاله الجبرتي نقول بتوفيق الله:
وللقطب البيومي رضي الله عنه مختصر في الفقه على المذهب الأربعة وقد طبع طبعة يتيمة منذ سبعين سنة وهو لدى الفقير
وشرحه
على الإنسان الكامل لم نعثر عليه في مخطوطات طار الكتب المصرية للأسف،
ولعل أحداً من الإخوة يكون رآه أو سمع به من قبل. كما ألف سيدي على البيومي
رسالة في الذكر الخفي على طريقة النقشبندية التي ننتسب إليها بفضل الله
ونعمته ولم نتوصل إليها حتى الآن.
وقد دفن معه بضريحه بالحسينية
شيخ الإسلام والأزهر سيدنا الإمام الولي الكبير الشيخ حسن بن درويش
القويسني البيومي رضي الله عنه، ولابد أن نعود لنترجم له فهو مفخرة من
مفاخر الصوفية والعلماء الأقوياء في دين الله.
وبالحجرة الخارجية
لضريحه يوجد عدد من الأولياء أظنهم كلهم من البيومية يحضرني منهم الآن سيدي
نافع الحريري ولم يتيسر لي حتى الآن ترجمة لواحد منهم
وممن قابلنا من
خلفائه الذين نحسبهم على خير كبير الشيخ عبد المتجلي البيومي الذي كان
ملازماً لمسجد سيد الشهداء سيدنا ومولانا الإمام الحسين رضي الله عنه
وأرضاه بالقاهرة المباركة
وقد شاهدت الشيخ لآخر مرة منذ حوالي سنتين
ولا أعرف إن كان مازال على قيد الحياة أم لا، ورأيته في رؤية منامية حسنة
في أحد الأزمات ودعا لي فيها والحمد لله رب العالمين
ومنهم الشيخ
العالم محمد إبراهيم سالم الذي اتخذ زاوية له بجوار مسجد سيد الشهداء في
مصر رضي الله عنه وله المؤلفات النافعة في تاريخ التصوف وتراجم الأولياء
والرد على المنكرين وعلوم الحديث والقراءات وغيرها وقد نشر أخيراً ديوان
سيدي محمد وفا وله عليه تعليقات
رضي الله عنهم أجمعين