تحت
عنوان " أثار قانون تحرير الاراضي الزراعية على الاوضاع التعليمية في ريف
مصر " يأتى صدور العدد رقم "11 "من سلسلة الأرض والفلاح . و تقوم هذة
الدراسة على بحث تأثير القانون 96لـ92 على اوضاع التعليم في ريف مصر متخذة
ثلاث قري من محافظات مختلفة كأطار للبحث " محافظات بني سويف والجيزة
والدقهلية ".
هذا ويستعرض التقرير فى الجزء الأول تصورا عاما للاوضاع التعليمية في ريف
مصر حيث تؤكد الدراسة أن نصيب التعليم يصل الى 12.5 % من اجمالي الانفاق
العام للدولة فى عام 1997 إلا أن نسبة الامية كانت تمثل 50% من السكان
يستأثر فيها الريف ب58.2 % من اجمالى الامية في مصر . كما يشير الى عدد من
الاحصاءات التي تبين الوضع التعليمي في الريف مقارنة بالحضر ؛ فمثلا بلغت
نسبة الانتظام الدراسي لعام 1995 حوالي 73.1% . أما بالنسبة للتسرب من
التعليم و الذي يستحوذ الريف فيه على اكثر من نصف نسبة التسرب فنجد انه
يتفاوت من مرحلة تعليمية لاخرى حيث يزيد في المرحلة الابتدائية و ذلك بنسبة
71.4% و يقل في المرحلة الاعدادية إلى نسبة 8.5% .وتشير الدراسة الى ان
تلك الارقام تفتقر الى الدقة بسبب عدم توافر الإحصاءات و الارقام الحديثة
حول نسب التسرب و اعداد المتسربين خصوصاً في المرحلة الاعدادية ، وترجع
الدراسة العوامل التي تسهم في التسرب الى فشل النظم التعليمية بالاضافة الى
المستوى الاقتصادي للاسرة .
وتنتقل الدراسة الى“وصف الحالة التعليمية لبعض القرى فى المحافظات الثلاثة “
مشيرا الى ان نسبة الامية في ريف محافظة بني سويف تصل الى 38.5% الى جملة
السكان بالمحافظة بينما تصل نسبة الاناث منهم الى 63.4%
و بالنسبة " لقرية غياضة الشرقية " محل الدراسة فيتضح انها لا تحظى بنصيب
كبير من الخدمات التعليمية أو الثقافية حيث تصل نسبة الامية في القرية الى
41.3% من اجمالي السكان منهم 60% من الاناث طبقا للاحصاءات الرسمية بينما
من واقع المشاهدة الميدانية تدلل الدراسة على ان النسبة تتجاوز 70%.
كما تبين الدراسة صعوبة و طول المسافة و غياب وسائل مواصلات فى القرية
،وتشير الدراسة الى ان لا يوجد سوى مدرستين ابتدائيتين .
وواحدة اعدادية و اربعة مدارس للفصل الواحد و ليس هناك أي مدارس للتعليم
الثانوي بانواعه . الامر الذي جعل نسبة التعليم العالي تقتصر على حوالي 50
فردا من اصل 5507 نسمة هم عدد سكان القرية بينما نسبة التعليم المتوسط
تصل إلى حوالى 400 فرد . هذا على الرغم من رغبة الاهالي الشديدة في تعليم
الابناء وهو ما يتضح من الاقبال الكبير على المدرسة الاعدادية لوحيدة
بالقرية . أما عن برامج محو الامية فهى لا تلقى اقبالا كبيرا و خصوصا بين
النساء .
أما قرية "جزاية" التابعة لمحافظة الجيزة فتشير الاحصاءات الرسمية الى ان
نسبة الامية بها تصل الى 47.5% من اجمالي السكان بينما تصل من واقع
الملاحظات الميدانية للباحثين الى 70% . و لا تزيد نسبة المتعلمين عن 25%
منهم 6, % حاصلين على مؤهلات بينما 24.4% حاصلين على شهادات اعدادية أو
دبلومات . و لا يوجد بالقرية البالغ عدد سكانها 12964 نسمة سوى ثلاث مدارس (
ابتدائية و اعدادية و معهد ديني ) بينما لا توجد أي مدارس ثانوية و على
الطلاب الذين انهوا المرحلة الاعدادية الانتقال يومياً الى مدينة المناشي
التي تبعد مسافة حوالى (15) كيلو متر عن القرية للالتحاق بالمدرسة الثانوية
التجارية و هو امر مكلف و شاق على الاهالى .
أما قرية “ كفر داود “ التابعة لمركز ميت غمر محافظة الدقهلية فنجد ان
نسبة الامية تصل بها الى 32.4% منهم 51.8% من النساء . و لا توجد في
القرية سوى مدرسة ابتدائية واحدة بها خمسة فصول يتفاوت عدد التلاميذ بها
تبعا للعام الدراسي بين 140 (97/98) و 150 ( 98ـ 99) و 143 تلميذا (99ـ
2000) .و تعاني القرية من عدم وجود أي مصالح حكومية أو خدمية .
ثم تنتقل الدراسة الى القسم المتعلق " بنتائج الدراسة الميدانية " و التي
تتكشف فيها العلاقة بين تدهور الاوضاع التعليمية في القرى و قانون العلاقة
بين المالك و المستأجر و ذلك من خلال اجراء عدد من اللقاءات الميدانية في
القرى الثلاثة محل الدراسة ؛ حيث يتضح ان العام 96/97 شهد اقل نسبة تسرب في
القرى محل الدراسة و ذلك بمتوسط 11.9% في حين زاد هذا المعدل في السنة
التالية لتطبيق القانون ليصل الى 15.4% ثم زاد ليصل الى 21.5% في السنة
الدراسة التالية و هو ما يعطي دلالة لتدهور الوضع التعليمي في تلك القرى
خصوصا وأن الوزن النسبي لاسر المتسربين قبل تطبيق القانون كانت تحتل 40%
يعولها مستأجرين و 24% يعولها عمال ترحيلة . بينما انخفض الوزن النسبي
للتوزيع المهني لأولياء الامور الاطفال بعد القانون ليحتل الوزن النسبي
لاسر يعولها عمال ترحيلة المعدل الاكبر بنسبة 40% في حين انخفضت نسبة الاسر
التي يعولها مستأجرين الى 8%
و يخلص الفصل الخامس " التوصيات " الى طرح عدد من الملاحظات إستنادا الى
البحث . أهمها أن التضارب و عدم الدقة الذي يشوب البيانات و الارقام الخاصة
بالظواهر الاجتماعية و بالاخص ظاهرة التعليم و التي سببها تعدد المصادر
بين رسمي و غير رسمي و بين خارجي و داخلي بالاضافة الى الافتقار الى الحيدة
و الموضوعية تؤثر تأثيرا سلبيا على بحث المشكلة و محاولة ايجاد حلول
حقيقية مبنية على مقدمات سليمة وواقعية .
وتستنتج الدراسة انه قد ثبت بالدليل الميداني و النظري ايضاً ان قانون
الايجارات الزراعية و ما استتبعه من تدهور في المستوى المعيشي لاسر
المستأجرين يعد من اهم اسباب تدهور الحالة التعليمية في الريف المصري في
الفترة الاخيرة . مما يستوجب بذل مجهودات حكومية وغير حكومية لانقاذ الريف
المصري من هوة الجهل و التخلف واضعين في الحسبان وجود (40 % ـ 43 % ) من
الاطفال في الريف خارج نطاق التعليم ما بين متسرب او غير مستوعب في التعليم
مع التأكيد على ان ظاهرة الامية لا تخص البالغين فقط بل انها تصبح اكثر
خطورة حينما ترتبط بالاطفال لذا فإن مكافحة الامية يجب ان يتم من المنبع و
ليس من روافدة المختلفة . على ان يكون نصب اعيننا ما اكدته الدراسة من ان
تدهور الحالة الاقتصادية للاسر بالاضافة الى فشل النظام التعليمي هو السبب
الاول و الاخطر في دخول ملايين الاطفال الى حظيرة الامية المظلمة .
وختاماً فإن المركز يناشد السادة المسئولين الأخذ بعين الاعتبار النتائج
والتوصيات التى توصل إليها التقرير وذلك من أجل تحسين أوضاع أهالينا فى
الريف وكفالة حقوقهم الواردة بنصوص الدستور والمواثيق الدولية لحقوق
الانسان