بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر باسا
شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا
ماكثين فيه ابدا
واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
ثم اما بعد :
روى الامام الترمذى فى جامعه والنسائى فى سننه ان رجلا ضريرا جاء الى النبى
(ص) وقال يا رسول الله ادع الله تعالى لى ان يقضى لى حاجتى وان يرد الى
بصرى
فقال النبى (ص) بل قم فتوضأ واحسن الوضوء وصل لله تعالى ركعتين وقل بعدهما
اللهم انى اتوجه اليك واسالك بحق نبيك محمد نبى الرحمه ان تقضى لى حاجتى
وترد الى بصرى
يقول راوى الحديث فوالله ما تفرقنا وما طال بنا المجلس الا وقد قضى الله تعالى للرجل حاجته بان رد اليه بصره
وما تحقق ذلك للرجل الا بتوجهه الى الله بمحمد نبى الرحمه
يقول تعالى فى محكم التنزيل فى حق الرسول محمد (ص) ( وما ارسلناك الا رحمه للعالمين )
ويقول النبى (ص) عن نفسه ( انما انا رحمه مهداه )
حديثنا اليوم ايها الاحباب الكرام باذن الله تعالى عن صفه كريمه من صفات النبى (ص) الا وهى صفه الرحمه
والرحمه ايها الاحباب هى كمال فى الطبيعه البشريه تجمل صاحبها بالرفق وتحضه على الرأفه وتدفعه الى تمنى الخير للناس اجمعين
والنبى (ص) كان مثالا عظيما فى الرحمه فلم يكن فى الوجود قلب احن من قلب النبى (ص) ولم يكن فى الوجود قلب اراف من قلب النبى (ص)
كانت رحمته (ص) رحمه واسعه شامله شملت المسلم والكافر البر والفاجر
العالم والجاهل ا لصغير والكبير الحر والعبد حتى الجماد والحيوان شملتهم
رحمة النبى (ص)
وخير مثال على رحمة النبى (ص) بالمشركين ما كان فى غزوة احد حينما قتل
المشركين خيرة اصحاب رسول الله (ص) واجتمعوا حول الرسول (ص) والجأوه الى
حفره وارادوا ان يكبوه فيها ليقتلوه (ص) وشجوا وجهه (ص) وكسروا رباعيته
اربعه اسنان من اسنان النبى (ص) حتى امتلا وجه النبى (ص) بالدم ومع ذلك يدع
النبى (ص) ويقول( اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون )
ولو تضرع النبى (ص) الى الله تعالى ودعاه ان يخسف بهم الارض لاستجاب الله
تعالى دعائه (ص) ولكنها رحمه النبى (ص) فدعا قائلا ( اللهم اغفر لقومى
فانهم لا يعلمون )
وكذلك رحم النبى (ص) جهل الجاهل قليل العلم فعلمه برفق حتى وصل به الى طريق الهدايه والفلاح
كان النبى (ص) جالسا فى المسجد ومعه جمع من الصحابه الكرام رضوان الله
عليهم اجمعين فجاء رجل اعرابى ودخل المسجد ثم قام الى ناحيه من نواحى
المسجد فتبول فيها
فاغتاظ صحابه رسول الله لذلك غيظا شديدا وقاموا ليعنفوا هذا الاعرابى على فعلته
لكن النبى (ص) امرهم ان يجلسوا واشار الى الاعرابى ان يكمل بولته
فلما فرغ الاعرابى من التبول ووقف بين يدى النبى (ص) قال له النبى (ص) انما جعلت هذه المساجد ليذكر فيها اسم الله عز وجل
فلما راى الاعرابى رفق النبى (ص) وقارنه بما كان من الصحابه رفع يديه الى
السماء ودعا قائلا اللهم اغفر لى ولمحمدا ولا تشرك معنا احدا
فقال له النبى (ص) لقد ضيقت واسعا ان رحمة الله وسعت كل شىء
فالشاهد ان النبى (ص) كان رحيما بامته ساسها برفق وعلمها برحمه حتى حولها
من الركود الى الحركه ومن الفوضى الى النظام ومن الجهاله الى العلم ومن
القسوه والغلظه الى الرحمه والرأفه
وهكذا ينبغى لكل معلم ان يتحلى باللين والرفق
والنبى (ص) ايضا كان رحيما بالصغار
ففى يوم عيد يرى النبى (ص) طفل يبكى فيقبل عليه النبى (ص) ويسأله لماذا
تبكى فقال الغلام استشهد ابى فى+++++++0000000000-ان يكون النبى محمد ابيك
وعائشه امك وفاطمة الزهراء اختك فيفرح الغلام ويبتهج بكلام البنى (ص) ثم
يخرج سعيدا يلعب مع اقرانه
يقول الاقرع بن حابس كنت جالسا مع النبى (ص) فجاء الحسن بن على بن فاطمة
الزهراء بنت رسول الله (ص) فاخذه النبى (ص) فقبله ثم ضمه الى صدره فقال
الاقرع والله يا رسول الله ان لى عشره من الولد ما قبلت منهم واحدا قط فقال
النبى (ص) وماذا املك لك اذا كان الله قد نزع الرحمه من قلبك من لا يرحم
لا يرحم .
اى من لا يرحم خلق الله تعالى فى ارضه لا تشمله رحمة البارى جل شأنه
فالذى يريد ان ينعم برحمة الحق تبارك وتعالى عليه ان يرحم خلق الله تعالى ولا يتجبر عليهم
يقول النبى (ص) ( ان ابعد القلوب عن الله تعالى القلب القاسى )
بعض الناس يعتقد ان الرجوله والتميز فى القسوة والغلظه ولكن الحق ان
الرجوله والتميز انما هو فى سمو الاخلاق وعلو الرحمه والاقتداء بالنبى (ص)
لما توفى ابراهيم ابن النبى (ص) وكان له من العمر سنتان ذرفت عينى النبى
(ص) بالدمع فقال عبد الرحمن ما هذا يا رسول الله يعتقد ان الانبياء
والعظماء والكبار لا يبكون
فيقول النبى (ص) ( ان القلب ليحزن وان العين لتدمع وانا على فراقك يا
ابراهيم لمحزونون ولا نقول الا ما يرضى ربنا ولا حول ولا قوة الا بالله
العظيم
وكان الفضيل بن عياض من كبار الزاهدين والعابدين لما توفى ابنه واخبر ابتسم راضيا بقضاء الله وقدره
فتسائل اهل العلم ايهما افضل فعل رسول الله (ص) ام فعل الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى
فاجاب عن ذلك شيخ الاسلام بن تيميه فقال فعل رسول الله ضم الرضا بقضاء الله
والصبر على مقدور الله عز وجل وتضمن الرحمه والشفقه والعطف على الطفل
الصغير
اما فعل الفضيل بن عياض وتبسمه فانه تضمن رضا بقضاء الله وصبر على قدر الله لكنه لم يتضمن الرحمه والشفقه
ففعل رسول الله (ص) اكمل وافضل صلى الله عليه وسلم
وصدق الله تعالى اذ يقول ( لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )
ايها الاحباب الكرام ليس فخرا ان يتميز الانسان بالقسوة والشدة بل الفخر ان يتميز الانسان بسمو خلقه وعلو طبعه واقتدائه بالنبى (ص)
والنبى (ص) يقول ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من فى الارض يرحمكم من فى السماء )
نسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يجملنا بخلق الرحمه وان يختم لنا بخاتم السعاده انه تعالى ولى ذلك وهو القادر عليه
ايها الاحباب البر لا يبلى والذنب لاينسى والديان لا يموت ........................
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم اما بعد
يقول النبى (ص) ( لن تؤمنوا حتى تراحموا ) فقالوا يا رسول الله كلنا رحيم فقال النبى (ص) ليس ذلك وانما الرحمه رحمة العامه
والنبى (ص) يقول (من لا يرحم لا يرحم)
فمن اراد ان تشمله رحمه الله تعالى فى الدنيا والاخره عليه ان يرحم خلق الله فى ارضه
والذى يتجبر على خلق الله فهو بعيد عن رحمه الله تعالى
يقول النبى (ص) ( دخلت امرأة النار فى هره حبستها لا هى اطعمتها ولا هى تركتها تاكل من خشاش الارض )
اللهم اجعلنا من اهل الرحمه انك سميع بصير وبالاجابه جدير ....................