ما الفائدة من صلاة الاستخارة بما أن الأمور مقدرة من قبل؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين وبعد
موضوع جميل وجدا بارك الله فيكى اختى الكريمة احب اناضع جوابا ايضا .
إن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه يمحو ما يشاء مما كتبه معلقاً بالشروط وانتفاء الموانع، ويثبت ما يشاء من ذلك، {وعنده أم الكتاب} وهي الصحف التي عند الله فوق عرشه كتَبَ فيها ما هو كائن، فتلك الصحف ليس فيها تعليق بالشروط ولا بانتفاء الموانع.
وأما اللوح المحفوظ فيكتب فيه الأمر مشروطاً بالشروط وبانتفاء الموانع، ولذلك فالملائكة إنما يعرفون ما كتب في اللوح المحفوظ أو ما تكلم الله به، فإذا تكلم الله بشيء من قدره اهتز له الملائكة فرعبوا له، فإذا سري عنه قالوا: {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}، فيجيبهم جبريل عليه السلام بما أمر الله به من أمره، فذلك عندما يفزع عن صدورهم أي يزول عنهم الفزع: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} فيكتب الله تعالى في اللوح المحفوظ مقادير الأمور مشروطة بالشروط وانتفاء الموانع فيقال مثلاً: فلان بن فلان إذا وصل رحمه أو إذا تصدق بكذا زيد عمره بكذا، وإذا لم يفعل مات في الوقت الفلاني، فملك الموت لا يدري هل سيفعل ذلك أو لا يفعله لأن هذا من الغيب الحقيقي الذي اختص الله به، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} في خمسٍ لا يعلمهن إلا الله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فملك الموت إنما يطَّلعُ على ذلك مشروطاً بالشروط وانتفاء الموانع، ودليل هذا ما أخرجاه في الصحيحين أن ملك الموت أتى موسى عليه السلام عندما حان أجله فأراد قبض روحه فصكه على عينه ففقأ عينه أي عين تلك الصورة التي ظهر فيها، فرجع إلى ربه فقال: أي رب أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فكلَّم الله موسى عليه السلام فعرض عليه أن يطول عمره أن يضع يده على صفحة ثور فله بكل شعرة سنة، فقال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت قال: أما إذا كان لا بد منه فالآن، فلذلك لم يكن ملك الموت يعلم أن عمر موسى قد تأخر قليلاً في تلك اللحظة، إنما كان يعلم أنه كتب أنه سيموت في تلك اللحظة إذا أدى شرطاً أو إذا انتفى مانع، فخفي عليه ذلك وقد علمه الله سبحانه وتعالى وهو في أم الكتاب عنده، فلذلك قال: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} أي من اللوح المحفوظ، {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} وهي الصحف التي عنده فوق عرشه ليس فيها محو ولا تبديل، فكل ما فيها فهو على حاله.
فإذن نحن عندما ندعو الله تبارك وتعالى إنما نفر من قدر الله إلى قدر الله، فلو لم يعنَّا الله تبارك وتعالى ويوفقنا للدعاء لما دعونا، ولذلك بما أن الله شاء وأراد أن يغير قدره بالدعاء أعانك على الدعاء، إذن الدعاء يرد القضاء قطعًا لأن هذا كلام النبي - عليه الصلاة والسلام – والنبي أخبرنا - عليه الصلاة والسلام – أن الدعاء والقضاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء، أي تحدث بينهما نوع من المواجهة، فإذا كان الدعاء أقوى رفع القضاء – رفع الأمر – وإذا كان القضاء أقوى والدعاء أقل أو أضعف نزل هذا القضاء ولكن بصورة أخف وإذا لم يدع العبد أصابه قدر الله تبارك وتعالى جل جلاله، لأن هذه الصور الثلاث إما أن يكون الدعاء أقوى فيغلب وإما أن يكون القضاء أقوى فيغلب ولكن ينزل مخففًا، وإما أن العبد لا يدعو بالمرة فيصيبه ما قدره الله تبارك وتعالى.
إذن الدعاء يرد القضاء لأنه من قضاء الله وقدره، ولذلك في أحايين كثيرة نحن نكون في مشاكل كبرى ولا ندعو، لأنه لم يوفقنا الله للدعاء، في حين أننا لو دعونا لتغيرت أمورٌ كثيرة، ولكن شاء الله أن يمضي قضاؤه وفق مراده، ولذلك نسَّانا أن ندعو فصارت الأمور كما أراد سبحانه وتعالى..
إذن نعم لا يرد القضاء إلا الدعاء سواءً كان في أمر الزواج – أختي الكريمة نور – أو في غيره، لأن الزواج قدر من الأقدار ورزق من الأرزاق، والله تبارك وتعالى يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم – في غزوة بدر: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}، إذن الذي حدث أنه بعد الاستغاثة تحققت الاستجابة، علم الله أن نبيه سيسأله ويتضرع إليه بشدة وقوة وإلحاح ولذلك كتب النصر له ولأصحابه رغم قلة العُدد وقلة العَدد.
إذن لا يرد القضاء إلا الدعاء هذه حقيقة، ولذلك النبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)، مما نزل من البلاء الموجود الحالي، فالله تبارك وتعالى ببركة الدعاء يرفع هذا البلاء أو يخففه، والذي سيأتي في المستقبل أيضًا الله تبارك وتعالى يُبين أن الدعاء يؤثر فيه، ولذلك أنت تقولين: اللهم إني أسألك الجنة، مع كثرة سؤالك الله الجنة الله سبحانه وتعالى يجعلك من أهل الجنة.. اللهم أجرني من النار، مع كثرة استعاذتك بالله من النار الله يعافيك من النار.. فإذن الدعاء ينفع في تغيير الوضع الحالي، أعظم وسيلة للتغير هي الدعاء، المستقبل أيضًا أعظم وسيلة لتغييره ليكون على الحال الأفضل لي إنما هو الدعاء، فالنبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد)، فهذه وصية النبي - عليه الصلاة والسلام – فما دام الإنسان يدعو لا يتعرض للهلاك - بإذن الله تعالى – وكثير من المصائب والبلايا حقيقة تُرفع بالدعاء ولكن نحن لا ندري، فقد تكون هذه الدعوة من خمس سنوات وجاء البلاء الآن فخففه الله ببركة دعاء خمس سنوات، قد يكرمك الله عز وجل بقضاء حاجة من الحاجات ببركة دعاء أمك لك من عشرين عامًا مثلاً -فرضًا- دعت هذه الدعوة وظلت معلقة لأن الدعاء قد يستجاب في وقته وقد يستجاب بعد فترة من الزمن وقد يستجاب حتى في الآخرة، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام – أخبرنا أن أي عبد لابد أن يستجيب الله له، ما من مسلم على وجه الأرض يدعو الله تعالى إلا آتاه الله واحدة من ثلاث: (إما أن يعطيه ما سأل، أو يدفع عنه من الشر مثله، أو يقدر له من الخير مثله)، يدخر له من الخير مثله، ولذلك الصحابة قالوا: (إذن نكثر. قال: الله أكثر).
إذن الدعاء سلاح خطير وهو أقوى حقيقة من أي سلاح عرفته الإنسانية إلى يومنا هذا، ولكننا لا نحسن استغلاله، فمن حقك أن تجتهدي في الدعاء وأن تسألي الله تبارك وتعالى ولو كان فيه نفعا لك وأن هذا فيه خيرا لك فسيستجيب لدعائك، وإن علم الله خلاف ذلك سيعطيك الله أفضل منه ببركة الدعاء، فعليك بالدعاء، أما الأحاديث الواردة إذا ألهم أحد الدعاء، هذه كلها طبعًا من الأقوال التي وردت عن صحابة النبي - عليه الصلاة والسلام – وبعض العلماء الربانيين، وهي صحيحة في معناها، فالذنوب تحرم الإنسان من الرزق كما في الحديث الأول وهو حديث ضعيف رواه الحاكم عن ثوبان، والثاني أن البلاء لايدوم مع الدعاء، والثالث كما أسلفنا أن الدعاء قدر معلق، يستجيب الله له، أو يدخره له في الآخرة، أويصرف عنه شرا.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.