آلام المفتى
]color=green]عندما يخشي الإنسان أن ينطق بجملة واحدة لأنه لا يدرك ما مدي التحريف الذي سيحدث فى كلامه يصبح الأمر جد خطير لا يجوز تجاهله خاصة وأن الإعلام والناس يتناقلون التحريف وكأنه الحقيقة التي لا خلاف عليها.
فإذا كان هذا الإنسان هو عالم الدين أو المفتي الرسمي فإن المأساة تكون كبيرة والآلام مبرحة فالمفتي لا يستطيع أن يصمت ، وفي وقت يجب فيه أن يتكلم ولا يستطيع أن يرد سائلا دون إجابة مسألته وهو يعلم ، كما أنه هدف دائما لأسئلة السائلين وتساؤلات الإعلاميين .
في اللقاء الذي جمع فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة برؤساء الأقسام الدينية بالصحف تحدث عن آلامه مما يحدث في هذا الاتجاه ، وآثار التحريف المتعمد الذي يقع في فتاواه ، فتحولها إلي معان شديدة الغرابة فتنقلها الفضائيات ويكون مردود ذلك صورة مشوهة لعلماء مصر الذين علّموا علوم الدين للعالم .
سرد فضيلة المفتي حكايات كثيرة وعجيبة وهو يبدي استغرابه مما يحدث حيث يأتيه سؤال بسيط لا يتوقع أن يكون حديث الفضائيات فيجيبه فيأخذه صاحب المصلحة فيحرف في صيغة السؤال بالحذف أو الإضافة ، ويحرف في الإجابة بالحذف أو الإضافة ، ثم تشتعل معركة صحفية وفضائية ويضيع وقت وجهد، وتشوه حقائق وتتألم قلوب بلا سبب .
ومن ذلك من جاءه يسأله عن مريض بمرض جلدي يتكلف علاجه كيماويا مبلغا كبيرا لكن هناك علاجا آخر من خلال وضع اللبن علي جلده فيشفي بتكاليف أقل فأجاز له استخدام اللبن في التداوي لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أمرنا بالتداوي كما أن العلاج باللبن سيكون رخيصا عن العلاج الكيماوي وكذلك فإن اللبن لا حرمة فيه
وما كاد ينتهي المفتي من فتواه حتى وجد الصحف والفضائيات تقول : «المفتي يبيح الاستحمام باللبن» فتحول السؤال عن علاج لمرض جلدي إلي سؤال عن جواز الاستحمام باللبن في وقت لا يجد فيه الناس شربة لبن لأطفالهم ، وتحولت الإجابة عن جواز العلاج إلي جواز الاستحمام في دولة نسبة الفقر فيها واضحة ولا تتحمل مثل هذا الترف.
وما حدث في موضوع اللبن لا يكاد يختلف مع ما حدث في موضوع "طالئ" فخرجت الصحف تقول :إن طلاق المصريين لا يقع ، وهي فتوى خلقت مشكلة وفتحت قصصا وموضوعات للنقاش في حين أن النشر لا علاقة له بالفتوى الحقيقية .
مشكلة المفتي وآلامه تتلخص في أنه لا يجوز أن يرد سائلا دون إجابة ما دام يعرف وهو مكلف رسمي بذلك ، لكنه لا يستطيع أن يتوقع ما سيتم لكلامه بعد أن يقوله خاصة في الفتوى ، كما أنه لا وقت له ولا تسمح هيبته بملاحقة كل من يفعل ذلك قضائيا
منقووووول[/color]