]اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى اله وصحبه وسلم
(اختصاص الامام علي كرم الله وجهه بالطريقة)
بقلم الأستاذ مصطفى الدليمي
القانون والسياسة
العراق تلعفر
اختص حضرة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام الإمام علي عليه السلام دون بقية الخلفاء رضوان الله تعالى عليهم ؟
تشهد مصادر التاريخ الإسلامي ان رسول الله كان يعامل الصحابة ويتعامل معهم كأسنان المشط ، لا فرق عنده بين عربي او اعجمي ولا بين حر أو عبد ولا بين عربي او فارسي او حبشي او رومي ، لأنه لا ينظر الا إلى قلوبهم التي تهوى الحق وارواحهم التي تبتغي القرب من الله سبحانه وتعالى ..
وكان كرم الله وجهه بما آتاه الله تعالى من نور وحكمة ، يطلع على مكامل القوة في كل منهم فيحثه عليه ويساعده على تفجير طاقاته وامكانته فيه وهذا من السمات التي تميز بها حضرة الرسول الأعظم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عمن سواه ، فكان ان اختص كل من الصحابة بما يناسبه ، فهذا الصديق وذاك الفاروق وآخر أمين سره وغيره بسيف مسلول على الكفار .. الخ
ولقد رأى رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام ان ما يناسب الإمام علي عليه السلام وما هيأه الله تعالى له هو حمل أمانة العلوم اللدنية من بعده ، فكان لسابقته في الإسلام واعلميته التي شهد لها بها القاصي والداني حتى ان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيما بعد تعبيرا عن هذه المنـزلة : « لولا علي لهلك عمر »(1) .وأخرج الدارقطني عن أبي سعيد أن عمر كان يسأل عليا عن شيء فأجابه فقال عمر : « أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن » وفي رواية « لا أبقاني الله بعدك يا علي . وكان عمر يتعوذ من كل معضلة ليس لها أبو الحسن ، ولم يكن أحد من الصحب يقول سلوني إلا هو »(2).
تذكر المصادر التاريخية ان بدايته في سلوك الطريق الروحي بدأت بشكل فعلي حين جاء إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال : « يا رسول الله عليك الصلاة والسلام : دلني على أقصر الطرق إلى الله عز وجل وأخفها علي .
فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : يا علي عليك بمداومة ذكر الله في الخلوات
فقال علي عليه السلام : هذه فضيلة الذكر ، وكل الناس يذكرون .
فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : يا علي لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول ( الله ) .
فقال علي عليه السلام : كيف أذكر يا رسول الله عليك الصلاة والسلام ؟
قال : أغمض عينيك واسمع مني ثلاث مرات ، ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام : لا إله إلا الله ، ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعاً صوته وعلي عليه السلام يسمع ، ثم قال علي عليه السلام لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعاً صوته والنبي عليه الصلاة والسلام يسمع »(3) فكان هذا تلقينا بالمشافهة للذكر بطريقة اختص بها الإمام علي عليه السلام ، ذلك الطريق الذي يفضي لا محالة إلى المحبة الإلهية الخالدة ، وهذا اثبتته الاحداث فيما بعد وخاصة عندما حاصر المسلمون خيبر ذات الحصن الشهير وقد أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام بمهاجمتها ، فهاجمها الجيش ليومين متتالين من دون جدوى واستشهد في الهجومين عدد من المسلمين ، فلما عاد الجيش من الهجوم الثاني من دون أن ينجح في فتح المدينة قال رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام حديثه المشهور : أما والله لأعطين الراية غداً رجلاً كرارا غير فرار ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه (4) .
فلما جاء اليوم التالي بعث رسول الله عليه الصلاة والسلام يطلب الإمام علياً بن أبي طالب وقد عصب عينيه وهو أرمد ويقوده أحد المسلمين . فلما رآه رسول الله عليه الصلاة والسلام نفخ في عينيه فزال وجعهما في الحال ، ثم دعا له اللهم اذهب عنه الحر والقر (5) ، فما وجد الإمام علي عليه السلام بعد ذلك الحر والبرد وكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء ولا يبالي ، وثياب الشتاء في الصيف ولا يبالي ، ثم أعطاه حضرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الراية وألبسه درعه وقلده سيفه ذا الفقار وأرسله لفتح الحصن ، ففتح الله على يديه ذلك اليوم .
والذي يهمنا من هذا الحديث أن حضرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام علّق أمر إعطاء الراية والفتح على شخص في شرط معين وهو ( يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) ، والإشارة في المحبة هنا إلى المحبة الخاصة التي عرفت فيما بعد باسم ( الطريقة ) ، وإلا فمن أرسلوا في الهجومين السابقين واستشهد بعضهم كانوا قطعاً يحبون الله ورسوله في غزوة تبوك صرّح رسول الله عليه الصلاة والسلام بمنزلة الإمام الروحية وهي مرتبة الولاية إذ روي عن سعد بن أبي وقاص انه قال : خلف رسول الله عليه الصلاة والسلام علي بن أبي طالب عليه السلام في غزوة تبوك فقال : يا رسول الله عليك الصلاة والسلام تخلفني في النساء والصبيان فقال : أما ترضى ان تكون مني بمنـزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي (6) فالواضح من الحديث ان النبوة لو لم تختم بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لكان علي بن ابي طالب عليه السلام نبيا مع رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام حاله في ذلك حال من سبق من امم الانبياء ولكن ولأن الرسالة المحمدية خاتمة فإن ما يليها من مرتبة هي الولاية ، وهي منزلة سيدنا علي بن ابي طالب عليه السلام في امته من بعده .هذا المعنى الروحي لولاية الامام علي عليه السلام اكد عليه حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام قبل انتقاله إلى عالم الشهود والحق بشهرين حين بلغ حشد المسلمين المجتمعين عند ( غدير خُم ) بأن الإمام علي عليه السلام هو مرشدهم الروحي الذي سيقوم مقامه بينهم بعد أن يتركهم .
فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (7) ، فصرح بذلك حضرة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام بولاية الإمام علي عليه السلام عامة ، شاملة ، مطلقة على كل المسلمين .
لقد أورث حضرة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام الإمام علي عليه السلام من علومه الروحية وزرع فيه أخلاقه النبوية الزكية ، فجعل فيه صفات المرشد الرباني الذي يفيد كل من يصاحبه من غزير علمه النبوي ، وينـزل على قلبه من أحواله الزكية ما يزكيه وينقي نفسه
ولهذا اجمع الصوفية على ان امام الطرائق وبحرها بعد الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام هو الامام علي كرم الله وجهه ويكفي ان نشير هنا إلى قول شيخ الطائفتين الجنيد البغدادي قدس الله سره على هذا الاجماع : « صاحبنا في هذا الأمر بعد النبي الكريم عليه الصلاة والسلام هو الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ذلك امرء أعطي علما لدنا »(.
الهوامش :
[1] - تأويل مختلف الحديث لعبد الله الدنيوري - دار الجيل - بيروت – 1972 - ج1 ص 162
[2] - فيض القدير للمناوي - المكتبة التجارية الكبرى بيروت – مصر - 1356 - ط1- ج4 ص 357
[3] - المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي – تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار – ج1ص346 .
[4] - صحيح مسلم ج: 4 ص: 1871 برقم 2405 ,.
[5] - فتح الباري ج: 7 ص: 477 .
[6] - صحيح مسلم - ج4 ص1870
[7] - المستدرك على الصحيحين - ج 3 ص 419 .
[8] - البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي
منقووووووووووووووووووووول
[/b]