يأتى
إصدار تقرير الأرض الجديد " الفلاحة المصرية .. أوضاع متدنية .. مصير
مجهول " العدد رقم 22 " من سلسلة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية ليرصد
أوضاع الفلاحة فى ريف مصر ويبين التقرير فى القسم الأول منه أنه خلال قرون
طويلة مضت ظلت الفلاحة المصرية تتحمل وحدها أعباء لا حصر لها بصبر ،وبدون
شكاية لأحد.. آلام تبدء من الأثار الوخيمة للسياسات المتغيرة التى يمر بها
الريف كل فترة ،ولا تراعى وجودها ، أو وضعها في الأسرة
و لقد مرت صامتة فى مسيرتها ،واستمرت فى تحمل كل تبعات القدر والآثار
الوخيمة للسياسات ، وكانت أخر هذه الأعباء ، هو النتائج التى أسفرت عن
تطبيق قانون الإيجارات الزراعية ،والذى حرم جزء كبير منهن واسرهن من ضمان
نسبى لبعض الحقوق الانسانية .ويبين التقرير أن الفلاحة التى لديها أرض تشعر
أنها أكثر أمناًُ من الناحية الاقتصادية ، كذلك فإن دخلها ووضعها داخل
الاسرة ،وخارجها يكون أفضل وتزيد قدرتها التفاوضية مع الآخرين.
هذا ويبين التقرير أهمية أن تحوز الأسرة أرض حيث تمكن الرجل والمرأة فى الريف من الحصول على القروض ،وعمل المشروعات المختلفة .
ويوضح تقرير الأرض أن الأسرة التى تعولها فلاحة ،والتى تشكل حوالى 16% من
عدد الأسر فى الريف يكون مستوى الفقر فيها ضعف مستوى الفقر فى الأسر التى
يعولها فلاحين كما يوضح التقرير أن 70% من عدد الأسر فى الريف التى تعولها
فلاحات لا تستطيع أن تحصل على المتطلبات الاساسية من السلع الغذائية
،والغير غذائية ،ويؤكد التقرير أن إنتاجية الأرض يمكن أن تزيد إذا كان
يملكها من يحوزها وعندما تحوز الأسر فى الريف الأرض فإن الأمن الغذائى
يًكفل للأسرة .وتنتج الأرض المحاصيل الزراعية التى يبيعها الفلاحات
والفلاحين فى الاسواق بديلاً عن النقود التى يشترون بها مستلزمات الاسرة
،وينفقون منها على العلاج ،والتعليم ،والخدمات الأخرى .كما أن الأرض مصدر
لتربية المواشى ،والدواجن ،ومشاركة الفلاحة فى هذا النشاط الأخير بالذات
مرتفعة فهى تحصد ،وتبذر وتروى ،وتجنى ،وتفرز ،وتخزن ،وتسوق ، وهكذا فإن
حيازة الأرض للأسرة فى الريف تمكنها من الحياة ،وتضمن لها فرصة عمل ،وقد
حرم القانون كما رأينا الأسر الفقيرة من هذا الامان ،وبالتالى أثر ذلك على
الفلاحة وأسرتهن وحرمها من ضمان وأمن اجتماعى .،وعلى جانب أخر فقد تجاهلت
السياسات الزراعية الجديدة للفلاحات وحجم جهدهن فى الاقتصاد الزراعى أو
الانتاج فى ،مصر فعلى سبيل المثال فهى مسئولة عن 40% من الانتاج الحيوانى
فى مصر ،وعن 45% من العمالة المسئولة عن انتاج القطن ،و40% من العمالة
المطلوبة لانتاج المحاصيل فى الدلتا ،و 75% من العمالة المطلوبة لجنى محصول
البرسيم فى مصر ،و بـ83% من الاعمال الخاصة بزراعة الأرزو بـ85% من
الاعمال المطلوبة لزراعة وتخزين القمح و بـ72% من الأعمال الخاصة بزراعة
وتسميد الذرة و بـ45% لتجهيز فول الصويا.
كما تقوم بأعمال كثيرة أخرى فى إزالة الحشائش من المحاصيل ،وتجهيز الأرض
للزراعة ومقاومة الآفات ،وجنى الكثير من المحاصيل ،ونقلها وتخزينها ،هذا
خلاف قيامها بالأعمال المنزلية وتربية الحيوانات ،وتربيتها للأبناء
،وغيرها وغيرها من الأعباء !.
والفلاحة المصرية التى تتحمل كل هذا قد تأثرت أكثر من غيرها بتطبيق قانون
الأرض حيث أثر سلباً على أوضاعها الاقتصادية ،والاجتماعية .
والجدير بالذكر أن جملة الفلاحات العاملات فى قطاع الزراعة والذين يعملن
فى حيازة أسرهن كان عام 90 يبلغ 353, 859, 2 ،فى حين كانت العاملات بأجر
بشكل دائم ،ومؤقت قد قدر فى بحث العمالة بالعينة بـ95 ألف عاملة
،وبالتالى يقدر جملة الفلاحات العاملات ما يقرب من 353, 954, 2 .
وقد أثر القانون 96 على اوضاع هؤلاء الفلاحات فحرم بعضهن من حيازتهن أو من
حيازة أزواجهن ،وبالتالى تدهورت الظروف المختلفة لحياتهن ،وزادت الأعباء
عليهن أكثر بكثير من الأعباء التى كانت عليها قبل تطبيق القانون 96 خاصة
إذا علمنا أن عدداً كبيراً من الأسر فى الريف يعولهن فلاحات ،وأن تلك
الأسر التى تعولها نساء لا تستطيع أن تحصل على المتطلبات الاساسية من السلع
الغذائية فى الوقت ذاته نجد أن فرصة الفلاحة فى الحصول على قروض من بنك
التنمية ،والائتمان الزراعى منخفضة جداً ،ومتدنية بالنسبة للفلاحين الرجال
،ويكفى أن نشير فى هذا الصدد إلى حصول الرجال على 88% من جملة القروض
الانتاجية مقابل 12% للنساء عام 93 كما حصل الرجل على 84% من قروض
الاستثمار من بنك التنمية بينما حصلت النساء على 16% من هذه القروض فى نفس
العام.
ومما لا شك فيه أن هذه النسبة قد زادت بالنسبة للفلاحات بعد تطبيق
القانون، وذلك لأن فرص المرأة فى حيازة أرض بعد التطبيق قد قلت ،والأرض هى
الضمانة الوحيدة تقريباً فى الريف بالنسبة للبنك للحصول على القروض.
اما القسم الثاني " فلاحات الملاحية .. بداية من تعب و نهاية من شقاء "
فيتناول نظرة عامة على قرية الملاحية والبنية الأساسية حيث تقل في هذه
القرية فرص التنمية ، فلايوجد بها وحدة صحية او صيدلية كما لا توجد بها سوى
مدرسة واحدة ابتدائية انشئت حديثا ، و كما هو الحال في معظم القرى المصرية
لم تدخل الملاحية مشروعات الصرف الصحي بينما المياة دخلتها حديثا و لم
يتمكن غالبية السكان من توصيلها للمنازل نظرا لارتفاع كلفتها . اما عن فرص
العمل و الدخل في القرية فان غالبية السكان من المستأجرين والمستأجرات
الذين يعتمدون في معيشتهم على الشريط الزراعي الضيق بالقرية و الذين تأثروا
بشكل بالغ من تطبيق قانون الايجارات الزراعية حيث لم تعد هناك فرص للعمل
سوى باليومية في الاراضي الزراعية او في القاهرة حيث يسافر معظمهم الى
القاهرة للعمل في اعمال غير مستقرة . و يشير التقرير الى ان فلاحات
الملاحية تلعبن دورا هاما في الاسرة حيث تعمل جميع النساء تقريبا . و
يستعرض هذا الفصل انواع الاعمال التي تقوم بها الفلاحات في مراحلهن العمرية
المختلفة و التي تغيرت بعد تنفيذ قانون الايجارات الزراعية الذي لم ينحصر
تأثيره على اسر الحائزين فحسب بل امتد لاسر عمال اليومية و العاملين في
المهن الاخرى المحدودة في القرية ايضا .
و القسم الثالث يستعرض اصوات الفلاحات المنسية فيتناول الظروف
الاقتصادية والاجتماعية التى تحيا فى ظلها الفلاحة المصرية من خلال عرض
لشهاداتهن التى تمثلن اجيال مختلفة و حكايات مختلفة و ظروف تعبر بصدق عن
واقع حال الفلاحة المصرية دون ادعاء او تزييف . فمن بينهن نساء توفي
ازواجهن في سن صغيرة الا انهن اصررن على تربية الابناء و تعليمهن بالرغم من
ضيق الحال و منهن من اصيب زوجها بمرض خطير فاضطررن لتحمل نفقات الاسرة
بأنفسهن دون عون و منهن من ظلت تعمل في بيت اسرتها باليومية في جميع
الاعمال المتاحة ؛ و منهن من تضطر للعمل و هي في السبعين من عمرها لتتمكن
من اطعام نفسها بعد تزوج الابناء و هاجروا للعمل في القاهرة و ليس لديهم ما
يكفي لاعالة الوالدة العجوز التي قضت كل عمرها في تربية هؤلاء الابناء و
ليس يعينها سوى معاش الزوج المتوفي الذي لا يتجاوز الخمسون جنيها .
ويبين التقرير إن هؤلاء الفلاحات القابعات في الاركان البعيدة لوطننا
مدرسة حقيقية للصبر والحكمة وانكار الذات يقف امامها المهتمين بقضايا
المرأة و الانسان عاجزين عن التصديق , فمن علم هؤلاء الفلاحات الاميات
ابتكار مشاريعهن الاقتصادية الخاصة التي تقف بثبات في مواجهة تقلبات الزمن .
ومن علمهن ان يحذفن من قواميسهن قيماً انسانية كالخصوصية و الراحة و اشباع
الحاجات الاساسية والتحقق ؟؟! انه تراث ثقافي غير مكتوب .. تراث نحته
الفقر والظروف القاحلة والرغبة العنيدة في تحدي الاعيب القدر .
أما القسم الرابع فيتناول النتائج المستخلصة التى توصل إليها التقرير يأتى أهمها :-
- أن الفلاحات فى قرية الملاحية اللواتى تنتمين لأسر فقيرة تتنوع مابين
مالكات صغيرة أو مستأجرات أو عاملات يومية ( حوالى 75%من الفلاحات كانت لدى
أسرهن حيازات بالايجار ) و يعشن ظروفا قاسية ومجهدة فى الشطر الأعظم من
حياتهن.
- حوالى 90% من الفلاحات كن يعملن قبل الزواج إما بدون أجر فى أراضى الأباء
أو فى غيرها من الأعمال ( جمع الشيح – ورش الطوب ، ....... ) .
- 95.7 % من الفلاحات ظللن يعملن بعد الزواج إما لمساعدة الزوج فى حيازته
وتربية الماشية وبيع منتجات الألبان أو العمل فى بيع الخضر أو الخبز وغيرها
من الأعمال .
- 50 % من الفلاحات تعول أسرهن إما لوفاة الزوج أو لعجزة وحتى فى الحالات
التى يتواجد فيها الزوج يكون الدخل الناتج عن عمل المرأة أساسيا لحياة
الأسرة .
- 90 % من الأسر التى انتزعت حيازاتها كان لعمل المرأة دورا هاما فى حماية
الأسر من الجوع حيث قامت بالعديد من المشروعات الصغيرة مثل المشاركة على ما
شيه أو بيع المأكولات البسيطة والخضر أو العمل باليومية فى أراضى الغير .
- رغم أن 80 % من الفلاحات تجاوزن الأربعين ووصل سن بعضهن إلى 68 عاما إلا
أن ذلك لم يكن حائلا بينهن وبين العمل نظرا لعدم قدرة الأبناء على الانفاق
عليهن (30 % من الفلاحات ينفق عليهن الأبناء ) وانخفاض قيمة المعاش .
- 80 % من الأبناء الذين خرجوا من التعليم من الفتيات قد تزوج معظمهم فى سن
صغيرة مما يدل على أن دائرة الفقر المستمرة فى القرى تعيد انتاج ذات
الأوضاع المتردية بالنسبة للنساء .
- لا توجد سوى فلاحة واحدة من بين الفلاحات فى القرية توجهن لأحد فصول محو الأمية إلا أنها لم تستمر فيه لأكثر من أسبوع واحد .
- 80 % من أسباب وفاة الأزواج واصابتهم بالعجز يكون نتيجة للأصابة بفيروس الكبد الوبائى (سى ) الذى لا يوجد له علاج بالقرية .
- 70 % من الفلاحات لا يتلقين رعاية صحية و 30% تتوقف رعايتهن الصحية عند
حد الكشف على المرض أو إجراء عملية إلا أنهن لا يتمكن من الحصول على العلاج
نظرا لإرتفاع سعره ولعدم وجود أى وحدات صحية أو صيدليات فى القرية .
- لا توحد سوى واحدة من الفلاحات حصلت على قرض بنك التنمية و50 % منهن ذكرن
أن السبب هو الخوف من عدم القدرة على السداد والباقيات من غير الحائزات
ذكرن أنهن لا تعرفن شيئا عن وجود فروض خاصة بالمرأة .
و ينتهي التقرير " بملاحظات ختامية " حيث يشير الى انه لا يمكننا الفصل
بين أوضاع النساءو بين المنظومة الاجتماعية و الاقتصادية للمجتمع ككل ولا
يمكن وضع حد للتدهور المستمر في اوضاع المرأة الريفية بطريقة المجهودات
الفردية المتناثرة و التصورات الجزئية للحلول وفقط. خصوصا في ظل التوجهات
الاقتصادية التي تنتهجها الدولة فمن المؤكد ان عشرات من برامج محو الامية
ومن الندوات والدورات التدريبية والمشاريع الصغيرة لم تتمكن من الصمود
وحدها امام جحافل الفقراء الذين خرجوا من بين انقاض القانون لا يملكون شيئا
على الاطلاق . و من المؤكد ايضا ان مئات المشروعات الصغيرة للحياكة و
صناعة السجاد و منتجات السعف لن تقوى على المواجهة امام مد المنتجات
القادمة من الخارج مع التنفيذ التدريجي للسياسات الاقتصادية العالمية .
ويخلص التقرير بأن الحل يكمن في وضع سياسات بديلة اقتصادية واجتماعية
لترعى مصالح الفقراء فى الريف ولن يتم ذلك الا بتمكين وتحفيز ودعم منظمات
المجتمع المدني . أننا نحتاج أن نؤمن بأن هؤلاء الذين يسكنون بيوت الطوب
اللبن و الاحجار و سقوف الجريد انهم قوة فاعلة و ان حقوق كثيرة لهم فى
القوانين و الدساتير تحتاج تكاتفنا لأعمالها. نحتاج إلى أن نبحث مع الاطراف
الاخرى التي يمكنها تبني قضية هؤلاء (( الأحزاب والقوى السياسية ، المجالس
المحلية ، نواب البرلمان والشورى ، ،الصحفيين و الكتاب و الوزارات
المختلفة ومؤسسات الحكومة فى الريف )) ليس من اجل اقامة مشغل في قرية من
القرى و لكن من اجل وضع سياسات تضمن فرص عمل و دخل مناسب لسكان الريف .
وذلك من أجل تنمية الريف و تحسين الأوضاع المعيشية لأهالينا و تحقيق احلام
الالاف من الرجال و الاطفال و النساء في رعاية صحية و تعليم حقيقي وكوب
ماء نظيف ووجبة غذائية متكاملة و دخل مناسب و فرصة عمل و حياة آدمية يشعرون
فيها بالراحة والمأمان .
موضوع: الفلاحة المصرية أوضاع متدنية 000مصير مجهول 
الأحد 27 فبراير - 15:58
مواضيع لم
تغذية rss
أفضل 20عضو
أفضل اعضاء اليوم
جديد المواضيع
مشـــــاركاتي
قوانين المنتدى
التسجيل