تأتي لرعاية الأرض.. وإنجاب الذكور
عائشة: عندما لاتستطيع الزوجة امتاع زوجها, فسوف يبحث عن اخري تلبي احتياجاته. جمال: اتفقت دولت زوجتي معي علي ضرورة ان أتزوج بأخري تساعدنا في زراعة الأرض. مهران: زوجتي الاولي بنت عمدة. كانت رقيقة, طبعا لن تقبل ضرة. اردت طفلا يرثني, انتظرت عشر سنوات حتي اقترحت اسرتها نفسها علي الزواج باخري. خالد: نعم تغيرت شخصيتي بعد الحياة في المدينة. زوجتي لم تعد تناسبني. اردت شريكة جديدة تفهمني.
هذه أربع شهادات من عناصر اساسية في علاقات زوجية متعددة الاطراف, قد يدهش كثير من أبناء المدن بشأن تعدد الزوجات الذي أصبح يكاد يكون ظاهرة بالريف المصري. والأسباب تتراوح بين الاعتبارات الجنسية والبيولوجية والعوامل السياسية والأبعاد الاجتماعية. لكن تبين أن المال قد يلعب دورا كبيرا في دفع الفقراء للاقتران بامرأة ثانية أحيانا. وكذلك يفعل الاغنياء أيضا. توصلت إلي ذلك ليلي صبحي شهد, باحثة الإنثربولوجي بالجامعة الامريكية في دراسة غير مسبوقة التقت خلالها مع24 زوجا و41 زوجة, ويشكل هؤلاء25 عائلة يعيش فيها رب الاسرة مع أكثر من امرأة سواء في منزل واحد أو منزلين. خلصت الباحثة في الدراسة إلي ان الفلاح المصري لايجلب( ضرة) الي زوجته في العادة لأنه كرهها أو لأنه وقع في غرام اخري, بل يفعل ذلك لأسباب اقتصادية بحتة في أغلب الاحوال, أو لعوامل أخري الجنس أحدها. اجريت الدراسة في قرية صغيرة تعد من جميع الوجوه نموذجا للريف المصري, بحيث قد يصلح القياس عليها, فهي تبعد مسافة سبعة كيلو مترات من مدينة كفر الشيخ ويقطنها ثمانية آلاف نسمة بينهم صلات قربي متشابكة ويعيشون علي مساحة عشرة آلاف فدان ومصدر دخلهم الأساسي الزراعة ومشتقاتها وعبر لقاءات اجرتها الباحثة( في غرف الجلوس مع الرجال, وبغرف النوم مع الزوجات لضمان اكبر قدر من الصراحة في البوح بالتفاصيل) كشف الأزواج سر الزواج الثاني. قال الفقراء منهم إنهم يضطرون للاقتران بزوجة ثانية في الاغلب عندما تكون الاولي غير قادرة علي المساهمة في دخل الاسرة, ويحدث ذلك عندما تعجز المرأة لسبب أو لآخر عن المشاركة مع الزوج في العمل بالحقل, أو إعداد وبيع بعض المنتجات في السوق, وهو بالتأكيد ليس ضمن اسباب الاغنياء. ** حسب الطبقة وتشير الباحثة التي نالت عن دراستها درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية إلي أن الأزواج خاصة الفقراء قد يتزوجون للمرة الثانية احيانا لأن زوجاتهم لاينجبن سوي الاناث, والذكور لا غني عنهم للفلاحين للمساعدة في العمل بالزراعة والمساهمة في زيادة الدخل. وفي مجتمع لايقبل من الرجل طلاق زوجته لمجرد أنها لاتنجب سوي الإناث فان الزواج بامرأة ثانية في القرية هو الخيار المقبول, لكن في حالة العقم يختلف الامر. تقول الدراسة: إن الفقراء وابناء الطبقة المتوسطة يلجأون في هذه الحالة للطلاق لانهم لا يتحملون نفقات الزواج باثنتين. علي النقيض من ذلك يعد الزواج للمرة الثانية هو الأكثر شيوعا في أوساط أبناء الطبقات الغنية مقارنة بالطلاق عندما تكون الزوجة عقيما. فالأزواج من هذه الطبقة يخشون من ان يعرض الطلاق للخطر مصالحهم الاقتصادية والسياسية المتشابكة بين عائلاتهم وعائلات زوجاتهم. وتلعب المشاكل بين الزوجة وأهل الزوج والعكس دورا كبيرا في اتجاه الرجل للزواج باخري كنوع من العقاب للزوجة احيانا. وتشير الدراسة أيضا إلي ان الرجال يتزوجون بأخري لأسباب منها مرض الزوجة الاولي أو عدم الأرتياح الجنسي معها, أو بسبب الطموح الاجتماعي والسياسي للزوج, أو نتيجة تغيرات تطرأ علي شخصية الزوج. وأدت الهجرة إلي المدينة بحثا عن مزيد من فرص العمل إلي تغير أسلوب معيشة كثير من القرويين. وبعضهم اخذ يدرك ان زوجته الريفية الاولي لاتناسبه. وفي العديد من67 لقاء عقدتها الباحثة بالقرية لم يبح الرجال بتفاصيل كثيرة بعكس الزوجات اللاتي قلن كل شئ بتفصيل, ربما لأنهن أو بعضهن علي الأقل هن الضحية. تقول الباحثة لـ الأهرام: إن اولئك النسوة عشن في مجتمع زرع في نفوسهن منذ الصغر ان اقتران الرجل بأكثر من زوجة مسألة عادية حتي ان كل واحدة كانت تعيش في فزع من اللحظة التي ستتعرض فيها لهذا الموقف. وعن شيوع الظاهرة إلا وأنها تمثل جرحا غائرا لكل ضحية تقول ليلي: إن مجرد استرجاع الزوجة الاولي ذكري اقتران الزوج باخري يسبب لها ألما شديدا. وتشير إلي ان بعض الزوجات خضن معارك ضارية مع ازواجهن عندما اقدموا علي هذه الخطوة, وفي بعض الأحيان وصل الأمر إلي حد هجر منزل الزوجية لمدة عام وفي بعض الحالات, بقيت العلاقات بين الزوجين متوترة لسنوات طويلة حتي يكبر الأطفال علي حد قولها. ** العالم الداخلي الطريف أن الدراسة كشفت ان الزواج متعدد الاطراف هذا يتحول تدريجيا إلي عالم معقد من العلاقات الدقيقة تخوض فيه المرأة صراعا مريرا من اجل البقاء والدفاع عن مصالحها, ومصالح ابنائها, وهي تستخدم في ذلك كل ما اوتيت من اسلحة وفي مقدمتها الجنس. بعض النساء اعترفن صراحة بأنهن يستخدمن اللقاءات الحميمة أحيانا لتحقيق مطالبهن. تقول اقبال وفتحية لابد أن يدرك الرجل في بعض الاحيان ان اللقاءات الزوجية مع الزوجة مشروطة بتلبية مطالبها. أو احترام بعض حقوقها. بل ان فتحية تكشف أنها أحيانا تلجأ إلي هذا السلاح كي تجبر زوجها علي شراء جلابية أو جلابيتين أو قطعة حلي ذهبية مثلا. إلا أن زوجات أخريات يقلن إن تلك حيلة خطرة وإنه يتعين استخدامها بحذر, وإلا فإن الزوج سيعتادها, وقد يحول اهتماماته الجنسية للزوجة الاخري, أو يقترن بزوجة اخري. وتقول زوجة مثل فاطمة إنها تلجأ إلي ذلك في حالات الضرورة القصوي عندما يضربها زوجها مثلا وتريد منه الاعتذار أولا. إلا أن بعض الزوجات يفرطن في الاعتماد علي هذه الطريقة لتحقيق اغراضهن وهن واثقات من قدراتهن. والزوجة التي تتقن هذه اللعبة يكون لها الدور الاكبر في اتخاذ القرارات المصيرية بالنسبة للاسرة مثل توزيع الدخل والمحصول. وكريمة مثلا ضحية مثالية في هذا الصدد, فضرتها عفيفة الأصغر منها بنحو12 عاما هيمنت جنسيا علي الزوج فمنحها بالتالي الدور الأكبر في صنع القرار, ويشمل ذلك المصروف اليومي للمنزل. وتجد كريمة نفسها مضطرة في أحيان كثيرة إلي طلب بعض النقود من ضرتها اذا ما احتاجت لشراء شئ. وفي الإجمال تمثل العلاقة الحميمة جانبا شائكا في بعض الأحيان في الزواج متعدد الاطراف حسبما تؤكد الدراسة. فمن جانب لا يحرص الزوج علي اللقاءات المنتظمة إلا مع الزوجة التي تلعب دورا اساسيا في تقديم يد العون له في زيادة دخل الاسرة خاصة بين الفقراء, ويعني ذلك أنه قد يتجاهل لفترات طويلة زوجته أو زوجاته الأخريات. وهذا مايحدث كثيرا مع حسنية التي تقول: يتركني زوجي فترات طويلة, ورغم انني أعاني خلال تلك الفترات فانني لا استطيع ان اشكو او اطلب منه, وذلك, الامر راجع للراجل, عيب ان تطلب الزوجة من الرجل ذلك. ** وسائل الهيمنة لكن ثمة طرق اخري كي تلعب الزوجة دورا أكبر في ادارة شئون الأسرة, فهي تقدر ان تكتسب مكانتها عند الزوج ومزيدا من النفوذ في التأثير في القرارات الأسرية بقدرتها علي التعايش السلمي مع الزوج, وضرتها وأسرة الزوج. وتشير الباحثة في الدراسة التي صدرت قبل أيام بالانجليزية عن مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الامريكية إلي ان العلاقة السيئة مع الحماة تعني أن تتحمل الزوجة سواء كانت الأولي أو الثانية قدرا أكبر من الاعباء المنزلية وان تعاني من قيود تفرض عليها فيما يتعلق بزيارات للاقارب مثلا. علي الجانب الآخر تسهم العلاقة الطيبة مع الضرة وباقي أفراد أسرة الزوج في تمتع الزوجة بوضع افضل. ** منافسة من أجل التعليم وتتنافس الزوجات علي أموال الزوج لشراء احتياجاتهن الاساسية ولاولادهن من أجل نفقات التعليم. وفي حين تهتم الزوجات من الطبقات الفقيرة بتعليم البنين بالاساس تحرص الزوجات من الطبقة المتوسطة علي ان يمول الزوج تعليم البنين والبنات معا, أما في الطبقات الغنية فان الزوجات يخضن منافسة شرسة من أجل نصيب من موارد الزوج ليتعلم الابناء في الجامعة. وفي الطبقة نفسها تتنافس الزوجات أيضا علي دخل الزوج لشراء ذهب للبنات. وعموما يتحدد سير الأمور داخل تلك الأسر بدرجة كبيرة وفقا للتوزيع الجغرافي للأسرة. بمعني.. هل تقيم الأسرة أي الزوج وزوجاته وأبناؤهم معا في بيت واحد أم أنهم موزعون بين أكثر من منزل؟. طبعا يعتمد الأمر علي مستوي دخل الزوج, وعلي مجمل وضعه الاجتماعي. تقول الباحثة: إن المزارعين من الطبقة العليا, لا يفصلون بين زوجاتهم لأسباب اجتماعية واقتصادية تتعلق بالأبناء, فعندما يكبر الأبناء لابد أنهم يسهمون بصورة أو بأخري في زيادة دخل الأسرة عموما طالما ان العائلة بأكملها في منزل واحد. وبين ابناء الطبقة المتوسطة يمنع الفصل وجود درجة كبيرة من التعاون والتكامل بين الزوج وزوجاته في دخل الاسرة فضلا عن ان الزوج لايستطيع تحمل نفقات منزلين أو أكثر خاصة عندما يتزوج الابناء, كما ان الفصل بين الزوجات, يعني ان الزوج سيخسر الجهد المادي لبعض الزوجات واولادهن. لكن الاغنياء يفصلون بين الزوجات أحيانا خاصة عندما يتزوج الابن الأكبر في هذه الحالة ينتقل الأب إلي منزل آخر مع زوجته وابنائهما تاركا منزله للابن حديث الزواج ليقيم فيه مع زوجته ووالدته واشقائه. وأحيانا يعد الفصل حلا للمنازعات بين الزوجات وابنائهن. وتشير الدراسة إلي ان الزوجات من الطبقة الفقيرة ربما يبقين في منازل ابائهن أو ازواجهن السابقين بعيدا عن الزوج الذي لايستطيع تدبير منزل كبير يسمح للجمع بين اكثر من زوجة.
موضوع: الزوجة الثانية تعود بقوة.. في الريف المصري 
الثلاثاء 15 فبراير - 19:32
مواضيع لم
تغذية rss
أفضل 20عضو
أفضل اعضاء اليوم
جديد المواضيع
مشـــــاركاتي
قوانين المنتدى
التسجيل