العدالة:
---
كان أعدل الناس لا يفرق بين رئيس ومرؤوس في الحق وهو الذي ساوى بين الناس في العطاء وأخذ كأحدهم
(قصته مع اخيه عقيل)
ذات يوم جاء للامام علي عليه السلام اخوه عقيل فرحب به
الامام ولما حان وقت العشاء لم يجد عقيل على المائده غير الخبز والملح
فتعجب وقال ليس الا ماارى فرد الامام اوليس هذا من نعمة الله وله الحمد كثيراوطلب عقيل منه مبلغا من المال لسداد دينه فقال الامام اصبر عني يخرج عطائي فانزعج عقيل وقال بيت المال في يدك وانت تسوقني الى عطائك فقال الامام ماانا الابمنزلة رجل من المسلمين فكان عقيل يلح على الامام ان يعطيه من بيت المال فقال الامام ان شئت اخذت سيفك واخذت سيفي وخرجنا معا الى الحيره فان بها تجارا مياسير فدخلنا على بعضهم فاخذنا ماله فقال عقيل مستنكرا :اوسارقا جئت؟! عندها اجابه الامام تسرق من واحد خير من ان تسرق من (مال)المسلمين جميعا ثم احمى الامام حديده وقربها من اخيه واخذ عقيل يصرخ من حراة دخانها فقال له الامام اتأن من حديدة احميتها للعب وتجرني لنار سجرها خالقها لغضبه؟!
--
هكذا عاش الامام فترة حكمه كلها وهو ياكل اكل الفقراء ويعيش حياة البسطاء-
يروى انه تحاكم الامام عليٌّ أمام عمر، وكان الخصم
يهوديًّا، وكان عمر ينادي عليه قائلاً: يا أبا الحسن، وهو يتحاكم أمامه،
ظهر الغضب على وجه عليّ، فظن عمر أن عليًّا يتبرم من وقوفه مع اليهودي على
قدم المساواة، فقال عمر لعلي: أكرهت أن يكون خصمك يهوديًّا؟ فقال علي- عليه
السلام-: إنما غضبت لأنك لم تسوِّ بيني وبين خصمي اليهودي إذ ناديته باسمه، وناديتني بكنيتي
إلى هذا الحد يريد الإمام علي- رضي الله عنه- أن يسوَّى بينه وبين اليهودي؛ حتى في أسلوب النداء!!.
روي أنه (عليه السلام) قد مر بالسوق فإذا به يرى رجلا نصرانيا يستجدي الناس فانزعج أمير المؤمنين من ذلك، والتفت إلى أصحابه قائلا:ماهذا؟فاجابوه بلا مبالاة نصراني فقال استعملتموه حتى إذا أتعبتموه تركتموه يستكفف الناس؟ ثم أمر أمين ب--
ومن كلام له عليه السلام :
والله لَأَن أبيتَ على حَسَك السعدان(اي لوابيت على الاشواك) مُسهّداً، أو اُجَرّ في الأغلال مُصفّداً ، أحبّ إليَّ مِن أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، وغاصِباً لشيء من الحُطام ، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يُسرع إلى البِلى قفولها ويطول في الثرى حلولها .
والله لقد رأيت عقيلاًوقد أملق حتى أستماحني مِن بُرّكم هذا
صاعاً . ورأيت صبيانه شُعث الشعور، غُبر الألوان من فقرهم كأنّما سُوّدَت
وجوههم بالعِظلِم وعاودني مؤكداً ، وكرّر عليَّ القول مردّداً ، فأصغيت
إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه ديني ، وأتّبع قياده مُفارقاً طريقتي ،
فأحميتُ له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعبتر بها ، فضجّ ضجيج ذي دنف مِن
ألمها ، وكاد أن يحترق من ميسمها فقلت له : ثكلتك الثواكل يا عقيل ! أتئنّ من حديدة أحماها انسانها للعبه ، وتجرّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ؟ أتئنّ من الأذى ولا أئنّ من لُظى ؟!
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ، ومعجونة شَنِئتها(من شدة كرهه لاكلها يشعر) كأنّما عجنت بريق حيّةٍ أو قيئها ، فقلت : أصلةٌ ، أم زكاةٌ ، أم صدقة ؟ فكلّ ذلك محرّم علينا أهل البيت
فَقَالَ:
لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ وَلَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ!(ربماكانت للرشوه)
فَقُلْتُ:
(( هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ!! أعَنْ دِينِ اللهِ أتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي, أمُتْخَبِطٌ أنْتَ أمْ ذُو جِنَّةٍ أمْ تَهْجُرُ؟ وَاللهِ
لَوْ أعْطِيتُ الأقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أفْلاَكِهَا عَلَى
أنْ اعْصِيَ اللهَ فِي نَمْلَةٍ اسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُ,
وَإنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لأهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضُمُهَا, مَا
لِعَليٌّ وَلِنَعِيمٍ يَفْنَى وَلَذَّةٍ لاَ تَبْقَى!! نَعُوذُ بِاللهِ
مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَقُبْحِ الزَّلَلِ, وَبِهِ نِسْتَعِينُ))
و من توجيهاته عليه السلام لجباة الأموال:
«إنطلق على تقوى الله وحده لا شريك له،و
لا تروعن مسلما،و لا تجتازن عليه كارها،و لا تأخذن منه أكثر من حق الله في
ماله،فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم،ثم امض
إليهم بالسكينة و الوقار،حتى تقوم بينهم،فتسلم عليهم،و لا تخدج بالتحية لهم،ثم تقول:
عباد الله أرسلني إليكم ولي الله،و خليفته،لآخذ منكم حق الله في أموالكم،فهل لله في أموالكم من حق،فتؤدوه إلى وليه» «إياك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج،أو تبيع دابة عمل في درهم،فإنما امرنا أن نأخذ منهم العفو»
و ما أعظم عليا أمير المؤمنين (ع) و هو ينص في عهده لمالك
الأشتر على وجوب التزام الرفق بالناس،و عدم التعامل بأي لون من ألوان البغي
و التعالي على الناس،و غمط حقوقهم المفروضة في شرع الله العظيم:
«و أشعر قلبك الرحمة للرعية،و المحبة
لهم،و اللطف بهم،و لا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم،فإنهم صنفان:إما
أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق،فأعطهم من عفوك و صفحك مثل الذي تحب و
ترضى أن يعطيك الله من عفوه و صفحه.
أنصف الله،و أنصف الناس من نفسك و من
خاصة أهلك،و من لك فيه هوى من رعيتك،فإنك الا تفعل تظلم،و من ظلم عباد
الله كان الله خصمه دون عباده،و من خاصمه الله أدحض حجته،و كان الله حربا
حتى ينزع،أو يتوب»
.و لم يكن منهاج علي (ع) هذا خاصا بأهل مصر،و إنما هو منهاجه الشامل لكل البلاد التي رفرفت راية دولته الكريمة عليها.
-----
شكت امرأة تسمى سودة بنت عمارة الهمدانية إلى الإمام علي
ابن أبي طالب(ع) أحد ولاته الكبار وهو والي صدقاته على الأهواز وكانت تحت
سلطته منطقة واسعة تقول سودة: ''لقد جئت إلى علي ابن أبي طالب(ع) في رجل ولاه صدقاتنا فجار علينا، فصادفته قائماً يصلي، فلما رآني انفتل من صلاته ثم أقبل علي برحمة ورفق ورأفة وتعطف وقال : ألك حاجة؟ قلت: نعم، فأخبرته الخبر، فبكى الإمام(ع) ثم قال: اللهم
أنت الشاهد علي وعليهم، وإني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك، ثم أخرج
قطعة جلد كتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن
رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ
النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) فإذا قرأت كتابي هذا
فاحتفظ بما في يدك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام، ثم دفع
الرقعة إليَ، فو الله ما ختمها بطين ولا خزمها فجئت بالرقعة إلى صاحبه
فانصرف عنا معزولاً. في هذه الواقعة التاريخية الكثير من الدروس
البليغة في السياسة والحكم والإدارة والتعاطي مع أمور الناس حتى ولو كانت
بسيطة أو صغيرة فالإمام علي(ع) كان ينظر من زاوية مختلفة وحساسة جداً حيث
أن التهاون في الأمور الصغيرة والتي قد تبدوا عادية في نظر البعض هو ما
يؤدي إلى الفساد والظلم،
-----
وكان الامام علي عليه السلام يامر جيشه في الحروب أن يصافّوااعداءه ولا يبدءوهم بقتال ، ولا يرموهم بسهم ، ولا يضربوهم ، ولا يطعنوهم برمح ، حتى جاء عبد الله بن بديل بن ورقاء من الميمنة بأخ له مقتول ، وجاء قوم من الميسرة برجل قد رمي بسهم فقتل .
فقال علي عليه السلام : اللهم اشهد .
تواتر عليه الرمي فقام عمّار بن ياسر فقال : ماذا تنظر يا أمير المؤمنين ؟
فقام علي عليه السلام فقال :
أيها الناس ، إذا هزمتموهم فلا
تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا أسيراً ، ولا تتّبعوا مولّياً ، ولا تهتكوا
ستراً ، ولا تمثّلوا بقتيل ، ولا تقربوا من أموالهم إلا ما تجدونه في
عسكرهم من سلاح أو كراع
------
حلمه عليه السلام
وفي الحلم « كان عليه السّلام أحلمَ الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، ويحلم عند جهل الناس، وهو مثال للحلم.
صدق رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث قال في خبر: « لو كان الحِلْمُ رجلاً لَكان عليّاً »
وجد الإمام علي (ع) - أيام خلافته - درعه عند مسيحي من عامة الناس، فأقبل
به إلى أحد القضاة (شريح) ليخاصمه ويقاضيه، ولما كان الرجلان أمام القاضي
قال الإمام علي :«إنها درعي ولم أبع ولم أهب».
فسأل القاضي الرجل المسيحي: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟
فقال المسيحي: ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب.
وهنا التفت القاضي شريح إلى علي يسأله: هل من بينة تشهد أن هذه الدرع لك؟
فضحك علي(ع) وقال:«أصاب شريح،ما لي بينة».
فقضى شريح بالدرع إلى المسيحي فأخذها ومشى وأمير المؤمنين ينظر إليه! إلا أن الرجل لم يخط خطوات قلائل حتى عاد يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاضي يقضي عليه..
ثم قال: الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين وقد كنت كاذباً فيما ادعيت.
وبعد زمن شهد الناس هذا الرجل وهو من أصدق الجنود، وأشد الأبطال باساً وبلاء في قتال الخوارج يوم النهروان إلى جانب الإمام علي (ع).
.
و لنا أن نعرض شواهد من حلم الإمام (ع) و عظيم صفحه في حياته الخاصة كذلك:
«دعا الإمام (ع) غلاما له مرارا فلم يجبه،فخرج فوجده على باب البيت فقال: (ما حملك على ترك إجابتي؟) قال:كسلت عن إجابتك،و أمنت عقوبتك.فقال (ع) : (الحمد لله الذي جعلني ممن تأمنه خلقه،امض فأنت حر لوجه الله) » .
و قد خاطبه رجل من الخوارج بقوله:«قاتله الله كافرا ما أفقه!فوثب أصحاب الإمام (ع) ليقتلوه،فقال الإمام (ع) : (رويدا انما هو سب بسب أو عفو عن ذنب)
الحلم كافة التي اصطبغت بها حياة علي (ع) بالنسبة إلى المسيئين له أو أعدائه،
موقف الإمام (ع) من قاتله ابن ملجم المرادي أعظم شاهد على تمتع الإمام (ع)
بنمط من الأخلاق السامية،لم يتمتع بها سوى الأنبياء و المقربين إلى
الله،فهل أنبأك التأريخ عن إنسان عامل عدوه بنفس الروح التي عامل بها علي
(ع) قاتله،لقد شدد الإمام (ع) على أهل بيته أن يطعموا قاتله و يسقوه و يحسنوا إليه،فعن الإمام الباقر (ع) و هو بصدد ذكر إحدى وصايا الإمام أمير المؤمنين (ع) في آخر حياته يقول:
«إن علي بن أبي طالب (ع) ،قال للحسن و الحسين (ع) : (إحبسوا
هذا الأسيريعني ابن ملجم المرادي و أطعموه و اسقوه،و أحسنوا أساره،فإن عشت
فأنا أولى بما صنع في،إن شئت استقدت و إن شئت صالحت،و إن مت فذلك
إليكم،فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به) »