يقول الله تعالى : " ياأيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن
يكونوا خيراً منهم ولانساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيراً منهن
ولاتلمزوا أنفسكم ولاتنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد
الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون "
قال الله تعالى "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين"
((وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ماضرب رسول الله صلى الله
عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأةً ولا خادماً إلاّ أن يجاهد في سبيل
الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلاّ أن يُنتهك شيء من
محارم الله فينتقم لله عزوجل))
إخوتي .... سئل أعرابي عن الأريب الفطن ؟ فقال هو الفطن
المتغافل أي الذكي المتغافل عن إيذاء الآخرين وإساءتهم وهذا هو
الحليم واسع الصدر لاعن ضعف وعجز ولكن عن قدرةٍ وذكاءٍ وفهم ....
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا جلوسا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال :
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة
فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه
بيده الشمال ... فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى ..
فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا
فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول !!
تمنى الصحابة لو كانوا مثل هذا الرجل .. وتشوقوا لمعرفة عمله الذي
جعله من أهل الجنة .. وأظن أننا نود معرفة ذلك أيضا ...
حسنا ... لنكمل القصة إذا :
قرر عبد الله بن عمرو محاولة اكتشاف هذا العمل .. فذهب
هذا الصحابي للرجل وطلب منه أن يظل عنده لبضعة أيام بحجة أن
هناك خصومة قد وقعت بينه وبين أبيه ... فوافق الرجل ...
وفي هذه الأيام كان الصحابي يراقب الرجل في كل تصرفاته
فلم يجده كثير صيام ولا كثير قيام ... فلقد كان ينام الليل ويفطر النهار
فاحتار الصحابي في أمره .. فما العمل الذي جعله من أهل الجنة ....
لقد راقب هذا الصحابي فعل الجوارح .. إلا أنه لم يطلع على القلوب ...
فعلمها عند مقلب القلوب .. وقد تكون أعمال القلوب أحيانا أعظم
من أعمال الجوارح ..
قرر الصحابي أن يروي القصة كاملة للرجل ليعرف منه العمل العظيم
الذي يقوم به .. فقال له :
يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ...
ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرات ...
فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فأقتدي بك ... فلم أرك عملت كبير
عمل ... فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال الرجل :
" ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من
المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه "
فأعلنها ابن عمرو صريحة مدوية :
هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق !!
ياله من عمل صعب .. أيعقل أن لا يحمل الرجل على أي مسلم من المسلمين
ذرة من غضب أو غل .. إنه فعلا عمل عظيم ...
قال تعالى: (وإنّ الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل)
وقال الله تعالى: (وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنّه لا يحبُّ الظالمين)
قال رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام
(يا اباذر صل من قطعك، واعف عمّن ظلمك، وأعط من حرمك).
وكان قد خطب المسلمين ذات مرّة فكان ممّا قال صلى الله عليه
وسلم (أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ فقالوا: يا رسول الله
ومن أبو ضمضم هذا؟ فقال النبيّ: رجل ممّن كان قبلكم، كان إذا
أصبح الصّباح يقول: (اللّهم إنّي أتصدق بعرضي على النّاس عامّة)
(أبي ضمضم رضي الله عنه كان يقول إذا أصبح اللهم لا مال لي
أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو
قذفني فهو في حل).
قال صلى الله عليه وسلم : "حرم على النار كل هين، لين، سهل
، قريب من الناس" [رواه أحمد] .
إذاً أعفُ
واصفح
وسامح
واغفر
عسى الله أن يعفو عنك، ويغفر لك، إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .
فدعونا أحبتي نحلل كل من أخطأ علينا ونقول لهم أنتم في حل..
ونسامحكم لوجه الله تعالى..
وفي المقابل نعتذر لكل من أخطأنا في حقهم ونطلب منهم ان يعفو عنا ويصفحوا..
ونبعث لهم رسائل إعتذار مغلفه بغلاف الحب والتسامح...
فهل كتبنا تلك الرسائل وبعثناها الى كل من اخطأنا بحقهم
ارجو ذلك....
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .