العجز عن الوفاء بالنذر ..فيه كفارة
رعاية الأقارب من مال الزوج..مشروطة
إعطاء الزكاة كلها للفقير القريب..بضوابط
محمد زين العابدين
من نذر نذرا وعجز عن الالتزام به فعليه كفارة يمين، ومساعدة الزوجة أهلها من مال الزوج يجب أن تكون بإذنه، وإعطاء الزكاة كلها لفرد واحد جائز.
كانت هذه أسئلة القراء اليوم نقدمها مع إجابات العلماء عنها:
يسأل القارئ ح.م.ع من سوهاج، قائلا:
أبي كان مريضا وقد نذر لو شفاه الله تعالي ووفقه لعمل ، سيدفع كل شهر مبلغا ماليا للفقراء وقد أستجاب الله له و ظل يدفع مدة وبعد أن كثر عددنا صار الوالد غير قادر علي الوفاء به، فما حكم الدين؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول:
قال الله تعالي في بيان صفات الأبرار وما اأعد لهم من الدرجات العلا عند ربهم:»إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينًا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرًا يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرا.»
فكان الوفاء بالنذر أول خصلة من خصال الخير، التي التزم بها هؤلاء الأخيار، أمام ربهم ، فهم لم يقفوا عند أداء ما أوجبه، المولي عليهم من التكاليف، ولم يتركوا لأنفسهم الحرية في أداء نوافل العبادات، حسبما يجدونه من النشاط في الأوقات، بل ألزموا أنفسهم أنواعا من الطاعات حتى يسدوا النوافذ أمام النفس والشيطان والهوى، ولما علم المولي جل شأنه بصدقهم وإخلاصهم في هذا التوجه لعبادته أعانهم علي الوفاء بنذرهم، ليسلكهم في زمرة أحبابه و أصفيائه .
ويرتفع هذا المقام ويجل عن الوصف حين يكون النذر مطلقا، دون ارتباطه وتعليقه، بقضاء طلب محدد، أو الخروج من مأزق معين، كما ورد في السؤال فإنه علق الوفاء بالنذر بأمرين:
أن يعافي من مرضه و أن يوفق في وظيفة وقد قال العلماء بكراهة هذا النوع من النذر لما فيه من معني المعارضة أو المقايضة وهذا الأسلوب في التعامل لايصح التعامل به مع الخلق نظرا لتبادل المصالح فلا ينبغي أن يتعامل به مع الخالق الرازق المتفضل بالإحسان كله بل الواجب أن يتوجه العبد اليه بالعبادة مع كامل الخضوع والتضرع شاكرا لأنعمه التي لا تحصي وأفضاله التي لا تستقصي ومع هذه العبادة الشاكرة ستتحقق الآمال وستزداد أنواع الإنعام والإكرام قال الله تعالي: «لئن شكرتم لأزيدنكم «وقال صلي الله عليه و سلم عن ربه عز وجل في الحديث القدسي :»من شغله ذكري عن مسألتي أعطه أفضل مما أعطي السائلين»وأقول لصاحب الرسالة إذا عجز والدك عن الاستمرار في وفاء نذره فعليه كفارة يمين لقوله صلي الله عليه و سلم:»من نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين»وكفارة اليمين تتمثل في إطعام عشرة مساكين غداء وعشاء من أوسط ما يطعم به أهله أو كسوتهم فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام
.والله أعلم
تسأل القارئة ف.م.ح من الفيوم قائلة: زوجي ميسور الحال وأهلي من البسطاء المحتاجين وأقوم بمساعدتهم من مال زوجي دون أن أخبره بذلك، فما حكم الدين؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول:
لا يحل للمرأة أن تأخذ من مال زوجها بغير إذنه أو علمه لتعطيه أهلها أو تنفق منه شيئا خارجا عن النفقة المعتادة لأن نفقتهم لا تجب عليه ولأنهم ليسوا من أصوله أو فروعه ونفقة زوجته التي أوجبها الشرع عليه لا تتعداها إلي أهلها وليس للمرأة أن تتصرف في مال زوجها لأهلها أو غيرهم إلا بعلمه ولو كان تصرفها فيه علي سبيل الهبة، أو الصدقة فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال في حق الزوج علي امرأته :»لا تعطي من بيته شيئا إلا بإذنه فإن فعلت ذلك كان له الأجر وعليها الوزر «وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول:»لا تنفق المرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذنه فقال رجل: ولا طعام يا رسول الله؟ قال ذلك أفضل أموالنا».
والله أعلم
يسأل القارئ س.م.ح من كفر شكر قليوبية قائلا:
أعطي زكاة أموالي لإحدي قريباتي التي توفي عنها زوجها ومعها أولاد في مراحل التعليم المختلفة ومعاشها لا يكفيها وتملك قطعة أرض لا تدر دخلا، فما حكم الدين؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور فتحي عثمان الفقي أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول :
قال الله تعالي : «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل « فلقد حدد الله تعالي في الآية الأصناف الثمانية الذين يستحقون الزكاة بأسلوب الحصر والصنف منهم .
الأول هم الفقراء والفقير من لا شئ له أو لا يجد موقعا من كفايته فالذي لا مال له ولا كسب أو له مال أو كسب لا يكفيه فله الأخذ من الزكاة بناء علي ذلك لا يعطي من سهم الفقراء غني ولا خلاف في هذا بين أهل العلم لأن الله تعالي جعلها للفقراء والمساكين والغني غير داخل فيهم بدليل قول رسول الله صلي الله عليه و سلم لمعاذ أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، وقال رسول الله :»لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب»ولأن أخذ الغني منها يمنع وصولها إلي أهلها وبخل بحكمة
وجوبها وهوإغناء الفقراء بها وأختلف الفقهاء في الغني المانع في أخذ الزكاة
الأول هو رواية عن الإمام أحمد وبعض الفقهاء أن الغني من ملك خمسين درهما والدرهم يساوي 2,975جرام فضة أو قيمتها من الذهب فهي تساوي 21,25جرام ذهب عيار ا2 مضروبة في سعر اليوم أو وجود ما تحصل به الكفاية علي الدوام من كسب عمل أو تجارة أو عقار أو نحو ذلك ودليل هذا ما روي عن علي وعن عبد الله بن عمر أنهما قالا: «لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو عدلها أو قيمتها من الذهب.»
ولما روي عن رسول الله أنه قال :»من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشا أو خدوشا أو قدوحا في وجهه، فقيل يا رسول الله: ما الغني؟ قال: خمسون درهما أو قيمتها من الذهب.»
الرأي الثاني:عن الإمام أحمد وقول مالك والشافعي أن الغني ما تحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئا وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وإن ملك نصابا ودليل هذا أن رسول الله قال لقبيسة بن المخارق لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة : رجل أصابته فاقة حتي يقول ثلاثة من ذوي الحجي أي العدول من قومه قد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتي يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش فإباحة المسألة إلي وجود أصابه القوام أو السداد ولأن الحاجة هي الفقر وبناء علي هذا تحل الزكاة في واقعة السؤال فقد نص الحنابلة علي أن من ملك نصابا زكائيا لا تتم به الكفاية من غير الأثمان فله الأخذ من الزكاة وعلي هذا فلا مانع من إعطاء الزكاة للقريبة وهذا ما أميل إليه وأختاره.
والله أعلم
منقووووول