الحمد لله
الصلاة والسلام علي من لا نبي بعده سيدنا محمد رسول الله وعلي آله وصحابته وسلم
الجذب - الجَذْبَة
في اللغة
" جَذَبَهُ : استلبه واستماله
جَذَبَ القلوب : كان موضع حب
الجَذْبٌ في التصوف : حال من أحوال النفس يغيب فيها القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق ويتصل فيها بالعالم العلوي
مجذوب
في اصطلاح الصوفية : من جذبه الحق إلى حضرته وأولاه ما شاء من المواهب بلا كلفة ولا مجاهدة ولا رياضة
الشيخ محمد بن عبد الملك الديلمي
يقول : " الجذبات ... كلها من الأنفاس الرحمانية
وأدنى الجذبات الجذبة إلى الجنة ولا غاية لأعلاها
والجذبة شبيه التجلي وقريب منه من وجه "
الشيخ عبد الكريم الجيلي
الجذب : هو الاصطلام
الشيخ محمد مراد النقشبندي
يقول : " الجذبة ": هي الميل والمحبة إلى الله تعالى "
ويقول :" الجذبة " نوعان :
وهي أما أن تكون من طرف الحق سبحانه وتعالى : وهي الجذبة الجلية . ويقال لها : التوفيق ، ولا يمكن الوصول إلى الله إلا بها
وأما أن تكون من طرف العبد : وهي الجذبة الخفية ، ويقال لها : الميل ، والمحبة ، والعشق ، وغير ذلك "
يقول الشيخ أحمد النقشبندي :
" اعلم أن الجذب وحده من غير السلوك في الطريق المستقيم بامتثال أوامر الحق والاجتناب عن نواهيه لا نتيجة له أصلاً غير الدخول في حيز البله والمجانين
الشيخ أحمد بن عجيبة
الجذب : هو غياب الحس بالكلية لترادف أنوار المحبة والعشق
ويقول
" قال بعض المحققين : لا يصح أن يقال في الأنبياء ( عليهم السلام ) سالكون ولا مجذوبون : لأن الجذب لا يكون إلا عن نفس ، والسلوك لا يكون إلا في قطع عقباتها وهم ( عليهم السلام ) مطهرون من آثار النفوس بأول قدم "
ويقول
" طريق الجذب : هو شهود الذات أولاً ، ثم شهود الصفات ، ثم شهود الحكمة في عين القدرة "
وأما مقام الجذب : هو إتباع الحال الغالب مع انعدام الاختيار
ويقول
المجذوبون في حضرة الله : هم الذين استولى نورهم على ظاهرهم
الشيخ أبو سعيد المجددي
يقول : " الجذبات "
" عبارة عن انجذاب اللطائف إلى جهة الفوق "
الباحث عبد القادر أحمد عطا
يقول : " الجذب والفيض عند الصوفية: هي مرحلة يتخلص العارف فيها من علمه، ويعود إلى العبودية الصرفة دون حول ولا طول ، ولا قوة ، أي إلى تحقيق سلب الإرادة بالله لله ، وهي في التحقيق مقام القيومية "
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني :
" جذبة من جذبات الحق خير من عمل الثقلين "
يقول الشيخ الحكيم الترمذي :
" يحتاج الولي إلى مدة في جذبه ، كما يحتاج المجتهد إلى المدة في صدقه . إلا أن هذه تصفيته لنفسه بجهده ، وتصفية المجذوب يتولاه الله بأنواره فانظر كيف صنع الله بعبده ، وصنع العبد بنفسه ؟ أما ترى آدم {عليه السلام} كيف فات الخلق وبرز عليهم بما تولاه الله من فطرته وقال لسائر الخلق ( كن فكان ) , فالمجذوب يُجذب في كل موطن في طريقه إلى الله تعالى ، ويخبر ويعرف المواطن "
يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" فأرباب الجذب يكشف لهم عن كمال ذاته ، ثم يردهم إلى شهود صفاته ، ثم يرجعهم إلى التعلق بأسمائه ، ثم يردهم إلى شهود آثاره . والسالكون على عكس هذا . فنهاية السالكين بداية المجذوبين . وبداية السالكين نهاية المجذوبين لكن لا بمعنى واحد ، فربما التقيا في الطريق ، هذا في ترقيه وهذا في تدليه "
ويقول
" إن من الناس من حرك الله همته لطلب الوصول إليه فسار يطوي مهامة نفسه وبيداء طبعه ، إلى أن وصل إلى حضرة ربه ، يصدق على هذا قوله سبحانه وتعالى :
والَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا . ومن الناس من فاجأته عناية الله من غير طلب ولا استعداد ، ويشهد لذلك قوله تعالى : يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ
فالأول : حال السالكين ، والثاني : حال المجذوبين
سيدي للعارف بالله الشيخ أحمد رضوان الأقصري
يقول
الجذب على ثلاثة أقسام
الأول
قسم تصنُعي وصاحبه يتصنع الجذب ، هروباً من طلب المعيشة ومسئولياتها ليستريح ويتواكل وهذا من الخطأ العظيم
وقد قدم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم , فذكروا أن عندهم رجلاً يقوم الليل والنهار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يعوله ؟ قالوا : أخوه
قال : أخوه أعبد منه
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
الثاني
هو جذب خيالي ، وهو جذب تكون فيه الأفكار التي ترد على العبد من هموم الدنيا بحيث تحدث إضطراباً في قلبه فيعتريه حال الجذب
الثالث
هو الجذب الحقيقي ، وهو إختطاف رباني يحدث من غير تكلف ولا عناء ولا مشقة
وهذا القسم نوعان :
جذب منقطع
جذب مطبق
فصاحب الجذب المنقطع يغيب ويفيق
أما صاحب الجذب المطبق فلا يفيق ولا كلام لنا عن الجذب الذي لا يفيق صاحبه
إنما نتكلم عن الذي يفيق منه صاحبه ، فإن الذي يفيق ، يؤمر بإتباع ما جاءت به الشريعة
فالمجاذيب قوم أخذهم الله من أنفسهم ، فليسوا من الناس ، وهم ناجون ، لكنهم لا ينفعون الناس لأن الذي ينفع في طريق الله هم العلماء بربهم ، العاملون بالكتاب والسنة ، الجامعون للحقيقة والشريعة ، فإذا جاءك أحدهم فأعطه ما يطلب ، ولكن إذا طلباً نقوداً فلا تعطه ، لأنها تستوي عنده مع التراب ولبس الملابس عنده والعري سواء ولا تأخذ عن المجاذيب ، ولا تطلب الدعاء منهم ، لأنهم يدعون عليك بالفقر والمرض لأنهم يحبون هاتين الصفتين للمسلمين جميعاً ، لأن الله يدخل بهما المسلمين الجنة
وإذا أعطاك ليمونة ، فلا تأخذها ، فإنها بلاء ومرض ، فلا تلبسوا ثيابهم ولا تأكلوا معهم
ومن المجاذيب من يمشي من جهة إلى جهة ، ومن يمشي دائماً ومنهم من يبقى مكانه
وبعد فترة الجذب يصحو المجذوب ، أما في فترة الجذب فيكون عقله غير ثابت
يقول الباحث سعيد حوى :
" الجنون حالة مرتبطة بالدماغ أحياناً ، بينما الجذب حالة مرتبطة بالقلب "
يقول الشيخ أبو سعيد بن أبي الخير :
" جذب جذبة من الخلق إلى معاينة الذات فحينئذ صار العلم عيناً ، والعين كشفاً ، والكشف شهوداً ، والشهود وجوداً ، وصار الكلام خرساً ، والحياة موتاً ، وانقطعت العبارات ، وانمحت الإشارات ، وانمحقت الخصومات ، وتم الفناء وصح البقاء ، وزال التعب والعناء ، وطاح الماء والطين ، وبقى من لم يزل كما لم يزل ،حين لا حين "
الشيخ ابن عباد الرندي
يقول : " أهل الجذب : هم المحبوبون ، وغاية السهولة لا تعب عليهم فيها ولا مشقة ، بل يجدون اللذة والحلاوة في أعمالهم ،وذلك من قبل أنه أخرجهم من أسر نفوسهم ، وتولاهم بكلاءته ورعايته من غير مجاهدة منهم ولا مكابدة"
الشيخ الحكيم الترمذي
يقول : " المجذوب : هو من أعتقه الله تعالى من رق النفس . فجذبه إليه ، فصار حراً ، وألزم المرتبة حتى ذهب وأدب وطهر وزكى "
الشيخ أبو الحسن الشاذلي
يقول
" المجذوب : هو من جذبه الله إليه ، ولذلك كان سيره من أول خطوة في الطريق بالله لا بنفسه ، وهذا جاء من باب القدرة : كن فيكون "
ويقول
" المجذوب المجاهد : هي مرتبة المجاهد الذي سلك بنفسه ، ثم أدركته العناية فجذب واجتبى قبل الوصول فقد أحرز المنزلتين "
المؤرخ ابن خلدون
يقول : " المجذوب : هو من لا وظيفة له ، فإنه عندهم الصوفية المختطف عند المطلع ، مثل بهلول وغيره من مجانين أهل السلوك ، وهو فاقد لعقل التكليف أبداً ولم تبق له وظيفة ، إذ الوصول قد حق ، والوظائف إنما هي وسائل للوصول ، وهذا المجذوب الذي قد وصل ، وشاهد الأنوار ، وجذب عن نفسه وعقله ، فهو لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان ، ولا النقل ، إنما هو سابح دائماً في بحر المعرفة والتوحيد ، مختطف عن الحس والمحسوس "
الشيخ عبد الوهاب الشعراني
يقول : " المجاذيب : هم قوم سلب الله قلوبهم عن التعشق بشيء من الأكوان ، وجعلها عاكفة في حضرته ، لا يشهدون إلا إياه ، فإن شاء الله تعالى ردهم إلى عقل التكليف ، وان شاء خبأ عقولهم عنده "
ويقول
" غالب المجاذيب ... غائبون عن شهود حكمة ظهور العالم وترتب الأسباب بعضها على بعض ، وعن حكم البدء والإعادة والختم والفتق والرتق ... ولا يعرفون كمالاً ولا نقصاً ولا خسةً ولا شرفاً إلى غير ذلك مما أحاط به علم الله { عز وجل } "
ويقول:
" قالوا : الفرق بين المجاذيب والمجانين : أن المجانين كان سبب ذهاب عقولهم استعمال مطعوم كوني ، لا يناسب مزاجهم ، أو صخة عظيمة على عقله ونحو ذلك
وأما المجاذيب فكان سبب ذهاب عقولهم عظيم ما تجلى لقلوبهم من عظمة ربهم ، فذهلوا عن تدبير أبدانهم وأحوالهم "
الشيخ عبد الغني النابلسي
المجذوب : هو فقير حال لا مقال
السيد محمود أبو الفيض المنوفي
يقول : " المجذوب : هو من جذبته شوارق الجمال وأيقظته بوارق الجلال "
ويقول : " المجذوب الحق : هو من أخذته هواتف الحق من الصغر ، وربته يد العناية حتى الكبر "
الشيخ محمد النبهان
المجذوب : هو السالك ، لأنه سلب من عاداته , فهو أصم أبكم ، أعمى عما سوى المحبوب ، مجذوب في محبوبه لا يرى سواه
ويقول
" المجذوب له صفات ثلاث : عقله صغير ، نفسه كبيرة ، قلبه طاهر ، وهو غير مكلف
المجاذيب لا يحملون سراً ، وإذا حمّلتهم سراً يبيعونه بليرة أو ليرتين
أبعدوا عنهم ، أعطوهم لأنهم لا يشتغلون ، ولا تقولوا لهم ادعوا لنا
المجذوب لا كمال عنده ، جربوه ، إذا غضب يدعوا عليكم ولو أحسنتم إليه ثلاثين سنة ، لو كان عنده كمال لكمّل نفسه ، هذا مع أني أحب المجاذيب على الإطلاق "
الشيخ إبراهيم بن مصطفى الموصلي
يقول : " المجذوب : هو المأخوذ ، تارة يكون غائباً عن حسه فاقد الشعور ، وتارة يرد عليه تكملة له فيأتي بما يريد من أنواع العبادات ، فهو في أخذه محفوظ وفي رده قائم بالخدمة ملحوظ "
ويقول
" يكشف الله له المجذوب من الأحوال والوقائع السابقة واللاحقة ، ورؤية المشايخ السابقين والمعاصرين ، ورؤية النبي ، ورؤية الأنبياء ، وعروجه بروحه إلى سدرة المنتهى ، وانكشاف الجنة له والنار ، ورؤيته أمور عظام لا يفي التعبير ببيانها "
يقول الشيخ داود خليل
"إذا تم السلوك ولم يحصل الجذبة على الكمال يكون من خواص الأولياء ، ويسمى هذا القسم : بالسالك غير المجذوب وإذا حصل الجذبة الإلهية ولم يتسلك من شيخ كامل علم السلوك والجذبة ، فهو من عوام الأولياء ، ويسمى هذا القسم : المجذوب غير السالك ، ولا يصلح أن يكون هذا القسم مرشداً ومسلكاً بخلاف القسم المتقدم "
يقول الشيخ ابن عباد الرندي : في شرح هذه الحكمة العطائية :
" شأن السالكين الاستدلال بالأشياء عليه ، وهم الذين يقولون : ما رأينا شيئاً إلا ورأينا الله بعده . وشأن المجذوبين الاستدلال به على الأشياء ، وهم الذين يقولون : ما رأينا شيئاً إلا رأينا الله قبله
ولا شك أن الدليل أظهر من المدلول . فأول ما ظهر للسالكين الآثار ، وهي الأفعال ، فاستدلوا بها على الأسماء ، وبالأسماء على الصفات ، وبالصفات على وجود الذات ، فكان حالهم الترقي والصعود من أسفل إلى أعلى
وأول ما ظهر للمجذوبين حقيقة كمال الذات المقدسة ، ثم ردوا منها إلى مشاهدة الصفات ، ثم رجعوا إلى التعلق بالأسماء ثم أُنزلوا إلى شهود الآثار . فكان حالهم التدلي والتنزل من أعلى إلى أسفل
فما بدأ به السالكون من شهود الآثار إليه انتهاء المجذوبون . وما ابتدأ به المجذوبون من كشف حقيقة الذات إليه انتهاء السالكين
لكن لا بمعنى واحد ، فإن مراد السالكين شهود الأشياء لله . ومراد المجذوبين شهود الأشياء بالله ، فالسالكون عاملون على طريق الفناء والمحو ، والمجذوبون مسلوك بهم طريق البقاء والصحو . ولما كان شأن الفريقين النزول في تلك المنازل المذكورة لزم التقاؤهما في طريق سفرهما : السالك مُتَرَقِِّ، والمجذوب مُتَدَلِّ "
يقول الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي
" السالك يترقى ، والمجذوب يتدلى . كما أن الطائع يقبل والعاصي يتولى .
السالك يترقى درجة درجة إلى الحضرة ، والمجذوب يؤخذ إليها بأول مرة .
يقول الشيخ داود القيصري :
" ومن سبق جذبته على مجاهدته يسمى : بالمجذوب ، لأن الحق سبحانه يجذبه إليه ، ومن سبق مجاهدته جذبته يسمى بالمحب ، لتقربه إلى الحق سبحانه أولاً, ثم يحصل له الانجذاب, ثانياً , كما قال رسول الله ناقلاً عن ربه تعالى : لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فجذبته موقوفة على المحبة الناتجة من تقربه ، لذلك يسمى : كسبياً "
منقول