خطبة جمعة عن ( نعمة الأمن وأثرها في نهضة المجتمع)
إن الحمد لله ، نحمده،ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،ومن سيِّئات أعمالنا ،من يهده الله ؛ فلا مُضِلَّ له،ومن يضلل ؛فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَ "
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَيْكَمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً"
أما بعد:
فان أصدق الحديث كتاب الله تعالى،وأحسن الهدي هدي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وشر الامور محدثاتها،وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار،وماقلَّ وكفى خير مما كثر وألهى:و"إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ "
إخوة الإسلام :عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِه ،مُعَافى فِي بَدَنِهِ ،عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ،فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيْرِهَا"
إخوة الإسلام:هكذا قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث الجامع المانع :"مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ :أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ آمِنًا :أَيْ غَيْرَ خَائِفٍ على نفسه مِنْ عَدُوٍّ ولا غيره،آمِناً فِي سِرْبِهِ:أَيْ فِي نَفْسِهِ،وفِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ،أوَ فِي مَسْلَكِهِ وَطَرِيقِهِ."مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِه،مُعَافى فِي بَدَنِهِ ـ أي سَالِمًا مِنْ الْعِلَلِ وَالْأَسْقَامِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًاـ،عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ـ أَيْ كِفَايَةُ قُوتِهِ مِنْ وَجْهِ الْحَلَالِ ـ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيْرِهَا": أيْ جُمِعَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِتَمَامِهَا،حتى كأنه أُعْطِيَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا.
ونلاحظ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم الأمن هنا في الذكر لأهميته في حياة الفرد والجماعة المسلمة،فالأمن نعمةٌ عظيمة،ومنةٌ جسيمة تستوجب شكر المنعم سبحانه قال تعالى: " وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ" لماذا يا ربنا؟" لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "
فنعمة الأمن لابد وأن تقابل بالشكر،وبمزيد الذكر،كيف لا ؟ وقد قال رب الأرض والسماء:" فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ "
لذلك إخوة الإسلام كان طلب الأمن في الديار والبلاد وفي الأهل والأولاد هو أول ما دعا به الخليل إبراهيم ـ عليه السلام ـ ربه.قال تعالى:"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ..."
وقال سبحانه:" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ "
فقدم الأمن في الطلب لأنه في ظل الأمن،يتمكن العبد من عبادة ربه وطاعته كما يحب الله عزوجل ويرضى،بل في ظل الأمن تحلو العبادة ويصير النوم سباتا،والطعام هنيئاً،والشراب مريئا،وعند انعدامه تتبدَّل الأحوال،فلم يهنأ أحدٌ من أفراد المجتمع براحةِ بال،وتقل العبادة للكبير المتعال.قال تعالى:"فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ"أي بسبب الخوف يقل الإيمان،ويكثر الكذب،ويكثر النفاق.
ولهذا قدم إبراهيم ـ عليه السلام ـ طلب الأمن في الدعاء والرجاء فاستجاب له رب الأرض والسماء،قال تعالى:" وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً"
وقال سبحانه:" "وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا"
بل امتن الله عزوجل على اهل مكة على مر الدهور،وانصرام العصور بهذه النعمة العظيمة،فقال تعالى:"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ" تأملوا في ختام الآية الكريمة،"وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ " فالأمن نعمةٌ عظيمة،ومنةٌ جسيمة ولهذا طلب الله منهم في مقابل هذه النعمة أن يعبدوه وحده لا يشركوا به شيئاً،فقال سبحانه:" فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ .الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ "
إخوة الإسلام:إذا كان الأمن هو مطلب جميع الشعوب على اختلاف مشاربها وأفكارها،فإن الحاجة تشتد إليه في المجتمعات الإسلامية التي إذا آمنت بربها أمِنَت في ديارها،وإذا أمِنَت في ديارها نمت في مؤسساتها،فلا أمن بلا إيمان،ولا نماء بلا أمان،ولذلك قرن الله عزوجل في قرآنه بين الأمن والإيمان فقال تعالى: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"
عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتِ : "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ" قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ "لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ" بِشِرْكٍ أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ "يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"
فـ"الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ـ أي بشرك ـ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"
وقال تعالى:"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"
إخوة الإسلام: من أجل تحقيق الأمن في المجتمع المسلم جمعت شريعةُ الإسلام المحاسنَ بأثرها،فصانت الدينَ وحفِظت العقول وطهَّرتِ الأموال وصانت الأعراض وأمَّنت الأرواح، وأمرتِ المسلمَ بإلقاء السلام على من يعرف ومن لا يعرف إشارةً إلى نشرِ الأمن بين الناس، بل أوجبت حفظَ النفس البشرية وعدم ترويعها حتى في مظِنَّة أمنها في أحبِّ البقاع إلى الله، في بيوت الله عزوجل ففي الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري عَنِ الحبيب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ:"إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا ، أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا ، أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ - أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ"
حتى بيوت الله عزوجل إذا امسك الواحد منا عصاه فيجب عليه أن يمسك العصاة من طرفها خشية أن يصيب أحداً من المسلمين بها،وذلك لأن ترويعَ وتخويف المسلم حرامٌ بكلِّ حال،ولذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّع مسلِمًا"
فمجرد الترويع والتخويف للمسلم ولو كان ذلك على سبيل الهزل والعب حذر منه الإسلام،ونهى عنه فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِى يَدِهِ فَيَقَعُ فِى حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ "
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يدعَها وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ"
فالله الله عباد الله فمجرد الإشارة بالسلاح حذر منها الإسلام ونهى عنها،فما بالنا بقتل الأبرياء،وازهاق الأرواح،وإبادة النفوس،أي جرم هذا عند الله،أي ذنب عند الله،قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا"
وقال تعالى:" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا "
سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، ثُمَّ اهْتَدَى، قَالَ: وَيْحَكَ ، وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " يَجِيءُ الْمَقْتُولُ مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ " وَاللهِ لَقَدِ أَنْزَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وَمَا نَسَخَهَا بَعْدَ إِذِ انْزَلَهَا، قَالَ: وَيْحَكَ، وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى ؟!
لذلك ما شُرعت الحدود العادِلة الحازمة في الإسلام على تنوُّعها إلاَّ لتحقيقِ الأمن بين الناس.قال تعالى:" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
وقال تعالى:"مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "
إخوة الإسلام: إنه في ظل انعدام الأمن يئنُّ المريض فلا يجد دواءً ولا طبيبا، وتختلُّ المعايش، فتهجَر الديار، وتفارَق الأوطان، وتتفرَّق الأسَر،فلا توصل الأرحام، وتنقَضُ العهود والمواثيق، وتبور التجارة، ويتعسَّر طلبُ الرزق،وتتبدَّل طباعُ الخَلق، فيظهرُ الكَذِب ويغيب الصدق،ويصدق الكاذب ويكذب الصادق،ويؤتمن الخائن ويخون الامين،ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين.
لذلك يجب علينا أن نسعى جاهدين من أجل تحقيق الأمن في ديارنا وأوطننا،لأنه في ظل انعدام الأمن لا نتهض أمة ولا تقوم حضارة،ألم تجد أن الله تعالى منَّ على ثمود قوم صالح بنعمة الأمن التي كانت من أسباب نهضة دولتهم وقيام حضارتهم،فقال تعالى:" وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ "فلو إنعدم الأمن ما استطاعوا أن ينحتوا بيوتاً من الخشب فضلا عن الجبال،ولهذا امتن الله على سبأ حيثُ أسكنهم الديار الأمنة،فتمكنوا من بناء حضارتهم،وتشييد مملكتهم،فقال تعالى:"وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا آمِنِينَ"
إخوة الإسلام:إن الواحد منا الآن ينظر يمنة ويسرة،ويقلب بصره في سوء الأحوال الأمنية التي تعيشها مصر بلد الأمن والأمان،فيتسأل كيف يتسنى لمصر أن تنهض من كبوتها،وأن تقوم من عثرتها في ظل هذا الجو المبلد بالترويع والتخويف والتخوين،في ظل هذا الجو الذي أصبح فيه الفرد لايأمن على نفسه حال خروجه من بيته إلى بيوت الله لتأدية شعائر الله،فضلاً عن خروجه إلى عمله،ودراسته،لكي ينهض بالوطن مما حلَّ به،ونزل بساحته،فوأسفاه على زمان قال فيه يوسف ـ عليه السلام ـ لأبويه:"ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ"
ووأسفاه على زمان قال فيه القائل:
من شاهد الأرض وأقطارها ...والناس ألوانا وأجناسا
ولا رأى مصر ولا أهلها ..فما راى الدنيا ولا الناسا
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم....
الحمد لله رب العالمين،والعاقبة للمتقين،ولا عدوان إلا على الظالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين،وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد إخوة الإسلام: هكذا قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِه،مُعَافى فِي بَدَنِهِ ،عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ،فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيْرِهَا"
فالأمن من نعم الله العظيمة والآه الجسمية التي يمتن الله بها على عباده المؤمنين في الدنيا،والآخرة.نعم.ألم ترى أن الله تعالى وصف المؤمنين حال دخولهم الجنة بقوله:" ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ "؟؟؟
ووصف حالهم في الغرفات فقال:"وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ "؟؟؟
ووصفهم وهم في الدرجات العلية،والمقامات السنية،فقال:"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ "؟
فلا خوفَ ولا فزعَ ولا تحوُّل عن المكانة والنعيم المقيم،ندعوا الله تعالى بإسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمن علينا بنعمة الأمن في الدنيا والآخرة......
د/ نجاح راجح :خطبة جمعة عن ( نعمة الأمن وأثرها في نهضة المجتمع)