أما بعد،،،· فإن الله تعالى اصطفي من الأيام يوم الجمعة، واصطفي من الشهور شهر رمضان، واصطفي من الليالي ليلة القدر
· واصطفي الله تعالى من البشر الأنبياء، واصطفي من الأنبياء الرسل، واصطفي من الرسل خمسة هم أولي العزم، وهم: نوح وإبراهيم وعيسي وموسى ومحمد –صلى الله عليهم وسلم- واصطفي من هؤلاء مولانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
· واصطفي الله تعالى من الأمم، الأمة الإسلامية، واصطفي من الأمة الصحابة، واصطفي من الصحابة أهل بدر، واصطفي منهم العشرة المبشرون بالجنة، ثم اصطفي منهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلى
· اصطفي الله تعالي من القرون، قرن الرسول –صلى الله عليه وسلم- واصطفي الله تعالى من البشر مولانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولذلك يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"
· واصطفي من النساء السيدة مريم والسيدة خديجة، والسيدة آسيا، والسيدة فاطمة، واصطفي منهم السيدة مريم- عليه السلام
· واصطفي الله تعالي من أيام العام كله، العشر الأوائل من ذي الحجة، إحنا بنقول الكلام ده كله عشان نوصل للحته دي، أن الله تعالى اصطفي من أيام العام كله العشر الأوائل من ذي الحجة، فهذه الشعر الأوائل هي أفضل أيام العام
* * *
· ما الدليل على ذلك، حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟! قال "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء" أخرجه البخاري
· وعنه أيضاً رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى " قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه الدارمي
· ويكفي في شرف هذه الأيام أن الله تعالى اقسم بهذه الأيام، يقول تعالى في سورة الفجر "والفجر وليالٍ عشر" قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم أنها عشر ذي الحجة، والله تعالى عندما يقسم بشيء فإن ذلك يدل على علو شأن هذا المقسم عليه وأهميته
* * *
· فإذا علمنا أهمية وفضل وشرف هذه الأيام العشر، فكيف نستغل هذه الأيام، يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "إنَّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا" حديث رواه الطبراني
· كيف نستغل هذه الأيام العشر:
· أولا: التوبة، وقد قلنا في بداية رمضان أننا يجب أن نستقبل رمضان بالتوبة، ونحن نقول الآن أننا يجب أن نستقبل العشر بالتوبة، لماذا ؟ لأن التوبة واجبة في كل وقت، يقول تعالى "وتوبوا إلى الله جميعا" ولكنها في مثل هذه الأيام أوجب، لأن هذه الأيام المباركة تعين على التوبة، وقلنا أن التوبة: ترك وندم وعزم، ترك للذنب في الحال، وندم على ارتكابه في الماضي، وعزم على ألا تعود إليه أبدا، ونحن نقول أننا يجب علينا التعجيل بالتوبة، لماذا ؟ لسببين: الأول لأن أحدنا لا يعلم متى يموت، والثاني أن السيئة تجر سيئة أخرى
· ثانيا: الصيام، تقول أم المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر –رضي الله عنهما- "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-يصوم تسع ذي الحجة ويم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر" أخرجه النسائي وأبو داود وصححه الألباني –رحمهم الله-
أيضا في صحيح مسلم عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده"
يقول الإمام النووي –رحمه الله- "يستحب صوم أيام العشر استحباباً شديداً"
هناك لطيفة قالها بعض العلماء، أن يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة التي قبله، ويوم عرفة يكفر ذنوب السنة التي قبله والتي بعده، لأن عاشوراء لموسى عليه السلام، وعرفة لنبينا –صلى الله عليه وسلم- وكرامته –صلى الله عليه وسلم- تتضاعف على غيره
· من الأعمال الفاضلة أيضا في هذه العشر: الإكثار من الذكر، يقول تعالى في سورة الحج الآية 26 "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" جمهور المفسرين على أن هذه الأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة
جاء في مسند أحمد –رحمه الله- عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال "ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب العمل فيهن، من هذه العشر، فأكثروا فيهن التهليل والتكبير والتحميد"
التكبير منه مقيد ومنه مطلق، أما المقيد فعقب الصلوات، وتبدأ من بعد صلاة الفجر يوم عرفة، حتى صلاة العصر في آخر يوم من أيام التشريق، وهذا لغير المحرم، أما المحرم يكون من صلاة الظهر ليوم النحر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق
المطلق، في كل موضع يجوز فيه ذكر الله، سواء المسجد أو المنزل أو الشارع "الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" وهذا من السنن المهجورة، كان أبو هريرة وابن عمر –رضي الله عنهم- يأتون السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس معهما ولا يأتيان لشيء إلا لذلك
· رابعا: الدعاء فالدعاء هو العبادة، وفي رواية "الدعاء مخ العبادة" ويقول تعالى "قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم" فعلي المسلم أن يجتهد في الدعاء في العشر من ذي الحجة، وخاصة في يوم عرفة، يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"
· خامسا: الأضحية، يقول تعالى في سورة الكوثر "فصل لربك وانحر" وعن عائشة –رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم"
· سادسا: وهذا أمر بديهي: الحج فعن أبي هريرة أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال "من حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه رواه البخاري ومسلم وقال أيضا –صلى الله عليه وسلم- "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"
فمن لم يحج هذا العام، وهو قادر على الحج عليه أولا أن يتوب عن هذا الذنب لأن عدم الحج مع القدرة عليه ذنب عظيم، وعليه أن ينوِّ الحج في العام القادر ويستعد له
· وأخيرا الإكثار من الأعمال الصالحة عموما، مثل الصلاة في جماعة، وقراءة القرآن، وحضور مجالس العلم، وصلة الرحم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلى المسلم أن يضرب من كل عمل صالح بسهم، ولا يفوتن على نفسه شيء من الخير
* * *
نسأل الله أن ييسرنا لليسرى، وأن ينفعنا بالذكرى، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم وبارك على خير المرسلين وحبيب رب العالمين محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين