بسم الله الرحمن الرحيم الحمد
لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر.
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت
العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا،
وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،
واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك
الصالحين
أيها الإخوة المؤمنون: ورد في الحديث الصحيح:
((بَاب الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَإِذَا أَعْطَى
بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ،
وَيُعْطِيَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ، وَلا يُشْهَدُ عَلَيْهِ وَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اعْدِلُوا بَيْنَ
أَوْلادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي
عَطِيَّتِهِ ؟ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلا
يَتَعَدَّى، وَاشْتَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
عُمَرَ بَعِيرًا، ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ وَقَالَ: اصْنَعْ بِهِ مَا
شِئْتَ))
(صحيح البخاري)
اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ، اعْدِلُوا
بَيْنَ أَوْلادِكُمْ، اعْدِلُوا بَيْنَ أولادِكُمْ، كررها ثلاث مرات
تأكيداً على هذا التوجيه.
((حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ ابْنُ بَشِيرٍ: أَنَّ
أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ
مَالِهِ لابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَتْ:
لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَهَبْتَ لابْنِي، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا
يَوْمَئِذٍ غُلامٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ
رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لابْنِهَا،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا بَشِيرُ
أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ
لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَلا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي
لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ))
(صحيح مسلم)
أيها الإخوة الكرام: أنا لا أنطلق من خيال،
أنطلق من واقع، واقع المسلمين مفعم بظلم شديد، في معاملة الأولاد، لسبب أو
لآخر، ولكن هذه الأسباب ليست مقبولة عند الله عز وجل، قال له: يَا بَشِيرُ
أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ
وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَلا تُشْهِدْنِي إِذًا،
فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ *
هذا الحديث أيها الإخوة ورد بروايات عديدة،
سأذكر لكم الإضافات على الروايات العديدة، قال عليه الصلاة والسلام في بعض
الروايات: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً،
إن أردت أن يكون أولادك جميعاً في البر لك سواء لا تفعل هذا ! قال: أيسرك
أن يكونوا إليك في البر سواء ؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً.
أي لا تفعل هذا إذاً، وفي رواية ثالثة:
((عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَال:َ نَحَلَنِي
أَبِي نُحْلا، ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ
هَذَا ؟ قَال: لا، قَالَ: أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ الْبِرَّ مِثْلَ مَا
تُرِيدُ مِنْ ذَا ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَإِنِّي لا أَشْهَدُ ))
(صحيح مسلم)
فإذا أردت أن يكون أولادك جميعاً في البر لك
سواء ؟ اعدل بينهم، وكِلْ ما بينهم من تفاوت إلى الله، أنت عليك أن تعدل،
إنك إن لم تعدل زدت البعيد بعداً، وزدت العدو عداوة، وزدت المجافي جفاء،
فإن عدلت بينهم قربت البعيد، وقربت المجافي، وقربت المسيء، وحملتهم على برك
جميعاً، هذه حقيقة أيها الإخوة، أكثر بيوتات المسلمين مقصرون في تطبيقها.
(( قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِي
غُلامَكَ، وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: إِنَّ ابْنَةَ فُلانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا
غُلامِي، وَقَالَتْ: أَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَلَهُ إِخْوَةٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قالَ:
أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ ؟ قَالَ: لا، قَالَ،
فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لا أَشْهَدُ إِلا عَلَى حَقٍّ ))
(صحيح مسلم)
لا يصلح ولا تصلح به الأسرة، ولا يستقيم به الأمر، فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لا أَشْهَدُ إِلا عَلَى حَقٍّ *
إذاً هذا ليس بحق.
أيها الإخوة الكرام: شرّاح الحديث قالوا:
العمل على هذا عند أهل العلم يستحبون التسوية بين الولد، حتى قال بعضهم:
يسوي بين ولده حتى في القبلة، إذا هذا المستوى ! وقال بعضهم: يسوي بين ولده
في المحل أي في العطاء والعطية، أي الذكر والأنثى معاً سواءٌ بسواء، وقال
سفيان الثوري: التسوية بين الولد أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين مثل قسمة
الميراث، وهذا موضوع خلافي، بعض العلماء يرى أنك إذا وهبت في حياتك يجب أن
تسوي بين الذكر والأنثى، أما إذا تركت الأمر إلى ما بعد مماتك فالقسمة وفق
شرع الله عز وجل، الهبة لها حساب، والميراث له حساب، وعن عبد الله بن عمر
بن العاص.
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ
الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَى
يَمِينِ الرَّحْمَنِ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ
وَأَهْلِيهِمْ، وَمَا وَلُوا قَالَ: مُحَمَّدٌ فِي حَدِيثِهِ وَكِلْتَا
يَدَيْهِ يَمِينٌ ))
(سنن النسائي)
أيها الإخوة الكرام: رجل له بنتان، بنت من
زوجة يعيش معها، وبنت من زوجة قد هجرها، جاءت البنت التي من زوجته التي
هجرها في يوم العيد، فرأت الترحيب بابنته الأخرى والإكرام والدعوة إلى طعام
الغذاء، والمبلغ الضخم الذي قُدِم إليها، وبتوجيه من زوجته الجديدة صرف
البنت الذي من زوجته التي هجرها، صرفها بعنف وكأنه طردها من البيت، تقول
هذه البنت: مضى على هذه الحادثة عشر سنوات، وأنا لا أنسى هذا الجرح الذي
أصابني من أبي !
أيها الإخوة الكرام: الأبوّة رسالة والأبوّة
طريق إلى الجنة، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلايا، وأنت في البيت
هناك طرق إلى الجنة ! إذا كنت أباً مثالياً وإذا سويت بين أولادك في
العطية، إذا عدلت بينهم حتى بالقبل وحتى في الاهتمام، الأولاد منوعون قد
يكون أحدهم أكثر ذكاء، قد يكون أحدهم أكثر ملاطفة، قد يكون أحدهم أكثر
مرونة، أنت عليك أن تعدل، عليك أن تنفذ أمر الله لتقرب البعيد ولتقرب
المجافي، لتعين المسيء على شيطانه، لا أن تعين الشيطان عليه، موقف الإنسان
إما أنه يعين أخاه على شيطانه، وإما أن يعين شيطانه على أخيه.
أيها الإخوة الكرام: موضوع دقيق جداً: إني نحلت ابني، قال العلماء: وهبت
والهبة كما قلت قبل قليل من المرجح أن يسوي بين أولاده في الهبة.
أيها الإخوة الكرام: ولكن حينما يكون للرجل
ولد عاجز فيه عاهة جسمية، فيخصه بحانوت ليعيش منه، مثل هذا معه عند الله
جواب يوم القيامة، حينما تفرق في العطية لسبب وجيه تشعر أن الله يقبله منك،
قد يكون عند الرجل ولد فيه عاهة في جسمه تحول بينه وبين كسب الرزق، فإذا
خصّ الأب هذا الابن العاجز بعطاء استثنائي في حياته فهذا عذر يقبله الله عز
وجل، العبرة أن تهيئ لله عز وجل جواباً على كل تصرفاتك، وأن تشعر بفطرتك
أن هذا الجواب مقبول عند الله عز وجل، في مثل هذه الحالة العلماء فرقوا بين
العدل وبين المساواة، عندك طالب جامعي يحتاج إلى قسط وإلى كتب وإلى نفقات،
وعندك طالب في الصف الأول الابتدائي، فهل يعقل أن تعطي الاثنين مبلغاً
واحداً ؟ فرق بين العدل والمساواة، العدل أن تعطي كل حاجة حاجته، هذا ينطبق
على العدل تماماً.
أيها الإخوة الكرام: هذا الموضوع أفاض فيه
العلماء شرحاً وتفصيلاً مما لا مجال إلى التوسع فيه على هذا المنبر، ولكن
الإنسان فُطِرَ فطرة، جُبِلَ جبلة، بالتعبير الحديث بُرمِجَ برمجة أنه إذا
أحسن ترتاح نفسه، وإذا أساء ينقبض قلبه، قال تعالى:
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (
﴾
(سورة الشمس)
فمن كمال خلق الله عز وجل لهذه النفس البشرية
أنها فطرها فطرة عالية، فطرها على حب الكمال، فإن فعلت الكمال ارتاحت، وإن
لم تفعل الكمال انقبضت، والعذاب النفسي شيء لا يوصف، قد يعطى الإنسان كل
شيء ويحجب الله عنه رحمته، فإذا حياته قطعة من الجحيم، وقد يحرم الإنسان كل
شيء ويكسب الله له رحمة في الدنيا، فإذا هو من أسعد الناس .
أنت حينما تقيم العدل بين الأولاد، حينما تنفذ أمر الله عز وجل يلقي الله في قلب هذا الإنسان من الراحة والسعادة مالا يوصف.
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)﴾
(سورة الزمر)
أنت لست موكلاً بمصائر العباد، عليك أن تطيع الله فيما أمر، وأن تنتهي عما نهى عنه وزجر.
أيها الإخوة الكرام: العلماء استنبطوا من هذه
الأحاديث أن الأب يجوز له أن يرجع في هبته لولده، إن بدا له أنه لم ينصف،
لو أن الإنسان وهب ابنه ثم بدا له أنه لم يكن منصفاً بهذه الهبة له أن
يسترجعها، وهذا حكم فقهي.
أيها الإخوة الكرام: موضوع آخر من متممات هذا الموضوع: هو العناية بالبنات.
((عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ:
دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا، تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ
عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا
بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ،
فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا
فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ،
كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ))
(صحيح البخاري)
قال العلماء: من ابتلي أي بوجود البنات عنده،
أو بما يصدر عنهن من مشكلة، أو على العموم من كانت عنده بنات وهذا ابتلاء
من الله عز وجل، أو من كنا بحاجة من هؤلاء البنات إلى مساعدة الأب، فأحسن
إليهن، والإحسان كما قال بعض العلماء: يزيد على العدل، هذه المرأة التي
قسمت التمرة شطرين أعطت كل بنت منهما شطراً ولم تأكل شيئاً، هذا إحسان،
والأب الذي يتجاوز حد العدل إلى الإحسان هذا عند الله في أعلى مقام، هذا
إنسان تجب له الجنة.
أيها الإخوة الكرام: قالوا: إطعام البنت
وكسوتها وتعليمها القرآن وتعليمها العلم الشرعي، والعناية بها ومعالجتها
وتزويجها، كل هذا من الإحسان، أي كل عناية تصدر من الأب لابنته تنطوي تحت
باب الإحسان، فأحسن إليهن، أي بحث لهن عن زوج صالح، أطعمهن وكساهن ولبّ
حاجاتهن، فهذا العمل يرقى عند الله إلى مستوى الإحسان، وكما قلت قبل قليل:
المؤمن الأعمال العادية التي يفعلها معظم الناس هي عند الله عبادات في حقه !
المباحات والعادات التي يفعلها الناس بشكل طبيعي كل يوم، المؤمن بالذات
لما ينطوي عليه من نوايا طيبة، لما يرجو من رحمة الله تكتب له هذه الأعمال
عبادات ! وأنت في بيتك لك طرائق وطرائق إلى الله عز وجل.
وقال بعض العلماء: الإحسان إلى كل بنت بحسب حالها، فكل بنت تحتاج إلى
عناية خاصة، قد تكون العناية التوفيق بينها وبين زوجها، وقد تكون العناية
أن تمدها ببعض المال، وقد تكون العناية أن ترشدها إلى ما فيه صلاحها في
الدنيا والآخرة، على كل الأبوة مسؤولية، والأبوة رسالة، والنبي عليه الصلاة
والسلام أوصانا بالنساء خيراً، أوصانا بالمرأة والضعيف اليتيم، فالمرأة
خلقن من ضلع خلقن من ضعف، فهذا الذي يرعى ضعفهن، ويرعى شؤونهن له عند الله
مقام كبير !
أيها الإخوة الكرام: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمََ قَالَ:
(( مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ))
عنده بنات، وفي بعض الروايات بنت واحدة، لو
اعتنيت بها عناية فائقة فربيتها وعلمتها وقومت أخلاقها وزوجتها رجلا صالحاً
يحفظ لها دينها، هذه البنت الواحدة كانت ستراً لك من النار، فكيف إذا كان
لك ابنتين ؟ فكيف إذا كنا ثلاث بنات ؟ فكيف إذا كان العدد فوق ذلك ؟
أيها الإخوة الكرام: هكذا تقوم الحياة الرشيدة، هكذا يقوم المجتمع
المسلم، المرأة نصف المجتمع، إذا علمت فتاة علمت أسرة، إذا اعتنيت بفتاة
اعتنيت بأسرة في المستقبل !
أيها الإخوة الكرام:
(( عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي
مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاثَ
تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ
إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا،
فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا
بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا ! فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ
اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا
مِنَ النَّارِ ))
(صحيح مسلم)
النبي الكريم لا ينطق عن الهوى، مقام النبي لا يليق به أن يجامل فالِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
(( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ ))
تمرة التي نصيبها استطعمتها ابنتاها فشقت هذه
التمرة، فهذا الذي يأتي بالطعام إلى البيت، من كسب حلال، من عمل صحيح، دخله
مشروع، يقدم الطعام لأولاده، ليدخل على أولاده السرور، هذا عمل عظيم، اجعل
بيتك جنة، اجعل بيتك روضة من رياض الجنة، حينما تقيم الإسلام فيه، حينما
تبتغي بتربية بناتك وأولادك وجه الله عز وجل، حينما تقيم الإسلام في هذا
البيت، فيه الصلاة والذكر وتلاوة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
البيت الإسلامي هذا ما نفتقر إليه، نفتقر إلى بيت إسلامي يقام فيه الإسلام
!
يا أيها الإخوة الكرام: كلنا جميعاً نملك
مملكتين، تملك مملكة بيتك، ومملكة عملك، ولا تسأل عما سوى ذلك كي تكون
مرتاحاً، لا يسألك الله إلا عن بيتك الذي أنت قيّم عليه، لا يسألك الله إلا
عن عملك الذي أنت قيّم عليه، وما سوى ذلك أصلح أؤمر بالمعروف وأنهى عن
المنكر، تمنى صلاح المسلمين، ولكن لن تحاسب إلى على بيتك وإلى في نطاق
عملك، فهاتان المملكتان التي أناطهما الله إليك، وهاتان المملكتان التي
تحاسب عنهما أقم الإسلام فيما تملك، يكفيك ما لا تملك، لا تهمل الذي تملكه،
لا تجعل من بيتك بيتاً متفلتاً، لا تجعل من بيتك بيتاً مسيباً، لا تجعل من
بيتك بيتاً طافحاً بالمسلسلات، وبالأعمال التي لا ترضي الله عز وجل، لا
تجعل تغذية أولادك من محطات غربية بعيدة عن عقائدنا، وعن مثلنا وعن
اتجاهاتنا وعن مبادئنا، اجعل تغذية أولادك من الكتاب والسنّة.
أيها الإخوة الكرام: مثل بسيط: هذا الوعاء وعاء الماء له فتحة من أعلاه
وصنبور في أسفله، الذي تعطيه من الأعلى تأخذه من الأسفل، ما الذي يتغذى به
أولادك، بما يتغذون ؟ أية ثقافة يتغذونها ؟
إنسان خطب فتاة ويغلب على ظنه صلاحها، فلما
جلس إليها سألته: هل تشرب ؟ تجعل من شربه شرطاً لقبوله الزواج منها ! هذه
التغذية، حينما تتغذى البنت بما لا يرضي الله، حينما تتغذى بقيم دنيئة
وبعادات بعيدة عن مبادئنا وعن تراثنا وعن ديننا وعن قيمنا، فهذا الذي
سيحصل.
أيها الإخوة الكرام:
(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ
حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا، وَهُوَ وَضَمَّ
أَصَابِعَهُ ))
(صحيح مسلم)
بالمناسبة أيها الإخوة:
(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَفَى بِالْمَرْءِ
إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ))
(سنن أبي داود)
هو يُطعِم ولكنه ضيّع دينه ! يتوهم الآباء
أنهم إذا أطعموا أولادهم وألبسوهم الثياب الجديدة، وأمنوا لهم معيشتهم،
وغرفهم تدفئتهم دراستهم، فقد انتهى كل شيء، والحقيقة لم ينتهي شيء، يجب ان
ترعى دينهم.
﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ
عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ
لِلتَّقْوَى (132)﴾
(سورة طه)
((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَكُونُ لأَحَدِكُمْ
ثَلاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلاثُ أَخَوَات،ٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلا
دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
(سنن الترمذي)
هذه الأخت التي فاتها قطار الزواج فكانت عند أخيها، من يصدق أن هذه الأخت طريق إلى الجنة !
الآن دخلنا في موضوع جديد: لا يَكُونُ
لأَحَدِكُمْ ثَلاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلاثُ أَخَوَات، كم من فتاة دينة مؤمنة
صالحة، فاتها قطار الزواج لسبب أو لآخر، وتوفي أبوها وأمها، بقيت عند
أخيها، فالأخ الذي يكرم أخته ويحفظ لها كرامتها، ويمنع زوجته أن تهينها،
ويحفظ لها حقوقها، هذه الأخت يمكن أن تكون طريقاً إلى الجنة.
دخلنا في موضوع جديد: موضوع البنت، وموضوع الأخت،
لا يَكُونُ لأَحَدِكُمْ ثَلاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلاثُ أَخَوَات،ٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ
كم من أخت تبكي ليلاً ونهارا وهي عند أخيها ؟
من شدة ما تقاسي من شدة إهانة أخيها، والأخ لا يبالي ولا يسأل ولا يدقق ولا
يحاسب، هذا ظلم شديد، الأقدار ساقت هذه الأخت أن تكون عند أخيها، فلذلك من
شدة الظلم الذي ينال الأخوات أحياناً تُدفع المرأة إلى أن تعمل عملا لا
يرضي الله، أو أن تنخرط مع الرجال، هذا الفساد سببه ذلك الظلم.
أيها الإخوة الكرام:
((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَالَ ثَلاثَ
بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ
الْجَنَّةُ، عَنْ سُهَيْلٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ قَالَ: ثَلاثُ أَخَوَاتٍ،
أَوْ ثَلاثُ بَنَاتٍ، أَوْ بِنْتَانِ أَوْ أُخْتَانِ * ))
(سنن أبي داود)
له الجنة، أبواب الجنة مفتحة وسط بيتك، ووسط
عملك، ومن علمك الذي تطلبه، من امرك بالمعروف، ومن النهي عن المنكر، أبواب
مفتحة لا حصر لها ! الله عز وجل خلقنا للجنة، خلقنا ليسعدنا، وجعل لنا
وسائل لا تعد ولا تحصى لبلوغ الجنة أحدها البيت، وفي حديث آخر:
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى،
فَلَمْ يَئِدْهَا، وَلَمْ يُهِنْهَا، وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا،
قَالَ: يَعْنِي الذُّكُورَ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ))
(سنن أبي داود)
معنى ذلك: أن هناك من العادات المستقبحة أن
تؤثر الذكر على الأنثى في العطاء، وكم من بيوتات المسلمين لا يخصون البنات
بشيء، يعطون الذكور فقط، وهم يتوهمون أنهم إذا أعطوا البنات انتقلت الثروة
إلى الغرباء، زوجها ليس بغريب، زوجها أقرب الناس إليها، زوجها أقرب إليها
منك !
النبي عليه الصلاة والسلام سؤل: من أعظم الرجال حقاً على المرأة ؟ قال: زوجها، فلما سؤل: من أعظم النساء حقاً على الرجل ؟ قال: أمه.
أعظم رجل في حياة المرأة زوجها، وأعظم امرأة في حياة الرجل أمه.
وفي حديث آخر:
((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَالَ ثَلاثَ
بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ
الْجَنَّةُ....))
(سنن أبي داود)
كنت أقول دائماً أيها الإخوة: الآخرون أنت لهم
وغيرك لهم، أما أولادك وبناتك من لهم غيرك ؟ من لهم غيرك يرعاهن، ويؤدبهن
ويعلمهن، ومن لهم غيرك يسعى لصلاح دنياهن ؟
(( عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَفْضَلِ
الصَّدَقَةِ ؟ ابْنَتُكَ مَرْدُودَةً إِلَيْكَ، لَيْسَ لَهَا كَاسِبٌ
غَيْرُكَ ))
(سنن ابن ماجة)
لذلك الإنسان حينما يتوجه إلى عمله، دققوا:
لديه محل تجاري مكتب عيادة مكتب محامى مكتب هندسي معلم موظف صاحب حرفة...
أنت حينما تتوجه غلى عملك، وكان عملك في الأصل مشروعاً في الإسلام، وسلكت
فيه الطرق المشروعة فلم تكذب ولم تحتل ولم تغش، وابتغيت منه كفاية نفسك
وأهلك وأولادك وبناتك، وابتغيت به خدمة المسلمين عامة، من يصدق أن هذا
العمل الذي تمضي فيه ثماني ساعات كل يوم انقلب إلى عبادة !
حتى لو أخذ أهله نزهة يبتغي بها إدخال السور على قلبهم، حتى لو ألبس
أولاده ثياباً جديدة، حتى لو أطعمهن طعاماً يحبونه، كل عمل الإنسان في بيته
عبادة إذا كان مؤمناً.
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ ؟ ابْنَتُكَ مَرْدُودَةً إِلَيْكَ، لَيْسَ لَهَا كَاسِبٌ غَيْرُكَ ))
لكن الشرع لم يكلفك أن تكسب حرام كي تدخل
السرور على أولادك، دققوا: هناك آلاف الرجال يتوهموا أنه من أجل أولاده
يكسب المال الحرام ! يقبل المال الغير المشروع، يقبل المال الذي فيه شبهة،
دققوا في قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( حَدَّثَنَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ
كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ وَأَطْعَمَهُنَّ
وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ
النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ * ))
(سنن ابن ماجة)
جدته أي مما يجد، مما يملك من المال الحلال،
من المال الذي كسبه بكد يمينه وعرق جبينه، من المال الذي لا شبهة فيه، من
المال الذي لا عدوان فيه، ولا اغتصاب فيه، لا احتيال فيه، من المال الحلال :
(( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ
عَلَيْهِنَّ وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ،
كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: مَا مِنْ رَجُلٍ تُدْرِكُ لَهُ ابْنَتَانِ، فَيُحْسِنُ
إِلَيْهِمَا، مَا صَحِبَتَاهُ أَوْ صَحِبَهُمَا إِلا أَدْخَلَتَاهُ
الْجَنَّةَ ))
(سنن ابن ماجة)
والآن نعود إلى الأخوات:
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ
صُحْبَتَهُمَا مَا صَحِبَتَاهُ دَخَلَ بِهِمَا الْجَنَّةَ.... ))
(مسند الإمام أحمد)
معنى ذلك أن المرأة مكرمة عند الله.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ
فَصَبَرَ عَلَى لأْوَائِهِنَّ وَضَرَّائِهِنَّ وَسَرَّائِهِنَّ، أَدْخَلَهُ
اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُنَّ فَقَالَ رَجُلٌ: أَوْ
ثِنْتَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: أَوْ ثِنْتَانِ فَقَالَ: رَجُلٌ
أَوْ وَاحِدَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: أَوْ وَاحِدَةٌ ))
(مسند الإمام أحمد)
لأوائهن ما هو اللأواء ؟ قال: الشدة والحاجة
والجوع وتعذر الكسب، دخل لا يوجد، أسواق كاسدة، الدخل قليل جداً، والعيال
كثيرون، الأب يعاني أحيانا ما يعاني يتمزق، ماذا يفعل ؟ يجب أن يقدم الطعام
والشراب والتدفئة والكهرباء والأقساط والألبسة، وعنده بنات كثر، وعنده
أولاد كثر، والدخل قليل، والتجارة كاسدة، والأسواق باردة، ولا حيلة بيده،
فهذا الأب الذي ينام مهموماً، ويستيقظ مهموماً، لو يدري مقامه في الجنة !
(( عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَى
لأْوَائِهِنَّ وَضَرَّائِهِنَّ وَسَرَّائِهِنَّ،))
قد تصاب البنت بمرض يقتضي عملية جراحية، هذا هو شديد، وقد تتزوج فتحتاج إلى مصاريف،
(( عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَى
لأْوَائِهِنَّ وَضَرَّائِهِنَّ وَسَرَّائِهِنَّ ))
أحياناً زواج البنت قد يحتاج إلى مصاريف كبيرة جداً.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ
فَصَبَرَ عَلَى لأْوَائِهِنَّ وَضَرَّائِهِنَّ وَسَرَّائِهِنَّ، أَدْخَلَهُ
اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُنَّ فَقَالَ رَجُلٌ: أَوْ
ثِنْتَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: أَوْ ثِنْتَانِ فَقَالَ: رَجُلٌ
أَوْ وَاحِدَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: أَوْ وَاحِدَةٌ ))
ابنة واحدة صبر على لأوائها وضرائها وسرائها دخل بها الجنة !
وفي حديث آخر:
(( عَنْ أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ
ثَلاثَ بَنَاتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلاثَ أَخَوَاتٍ، حَتَّى يَمُتْنَ
أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ، كُنْتُ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ
بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ))
(مسند الإمام أحمد)
كان معه في الجنة، وفي حديث آخر:
(( حَدَّثَنِي جَابِرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ يُؤْوِيهِنَّ وَيَرْحَمُهُنَّ
وَيَكْفُلُهُنَّ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ، قَالَ: قِيلَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَتِ
اثْنَتَيْنِ قَالَ: فَرَأَى بَعْضُ الْقَوْمِ أَنْ لَوْ قَالُوا لَهُ
وَاحِدَةً لَقَالَ وَاحِدَةً ))
(مسند الإمام أحمد)
البتة أي قطعاً، والنبي الكريم لا ينطق عن الهوى.
ويقول بعض أصحاب رسول الله: ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس.
من هذه الثلاثة: ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى.
يا أيها الإخوة الكرام: انقلبوا إلى بيوتكم
واجعلوها جنة، ابتغوا رضوان الله ورحمته فيها، أقيموا الإسلام والصلاة
فيها، واذكروا الله فيها، دعونا من شيء هجين عن حياتنا، عن عاداتنا
وتقاليدنا وقيمنا وعن ديننا، هذا البيت الذي يصدح ليل نهار بالغناء، ويصدح
حتى ساعة متأخرة من الليل، من محطة فضائية إلى أخرى هذا بيت بعيد عن رحمة
الله، بعيد عن تجلي الله، بعيد عن رضوان الله.
في حديث آخر:
(( عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُكْرِهُوا الْبَنَاتِ،
فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ ))
(مسند الإمام أحمد)
الإنسان الراقي يجلّ البنت، ويكرمها لأنها
هدية من الله عز وجل، النبي عليه الصلاة والسلام جاءته السيدة فاطمة لما
ولدت ضمها وشمها وقال: ريحانة أشمها، وعلى الله رزقها.
لا تُكْرِهُوا الْبَنَاتِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ *
هناك ضبط لكلمة لا تكرهوا البنات، لا تكرهها على الزواج مما لا ترغب، لا
تكرهها على زواج ليس في صالحها، كي تتخلص منها، فَإِنَّهُنَّ
الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ *
انتظر حتى يأتيها الشاب المناسب المؤمن، الذي
إذا أحبها أكرمها، والذي إذا لم يحبها لم يظلمها، الزواج رق، فلينظر أحدكم
أين يضع كريمته ! صار سيدها وآمراً لها وقيّماً عليها.
أيها الإخوة: حديث شريف يقسم الظهر:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ
لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ
يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَتَجِبُ
لَهُمَا النَّارُ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ ( مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ
اللَّهِ ) إِلَى قَوْلِهِ ( ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ))
(سنن الترمذي)
فيضاران أي يوصلان الضرر إلى وارثيهما بأن
يزيدا على الثلث أو يقصدا حرمان البنات أو حرمان الأقارب أو يقرى بدين لا
أصل فيه، هذا يفعله معظم الناس، يوقع سند بمليون ليرة لشخص وهمي بالاتفاق،
مبلغ اقتطع من الإرث، وحرم البنات وحرم الذكور.
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ
بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ،
فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ، قال شرَّاح الحديث: بأن يزيدا على الثلث،
أو يقصدا حرمان القارب، أو يقرا بدين لا أصل له، فتجب لهما النار !
لذلك ورد عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر.
شرع حكيم، إله عظيم، إله عادل، هو الخالق الخبير، هذا شرعه ومنهجه ونظامه، لا تتجاوز ولا تقصر.
أيها الإخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن
تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا
إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل
لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني،
والحمد لله رب العالمين .
* * *
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، الحمد لله رب العالمين، واشهد أن لا إله
إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق
العظيم، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام: قصة مؤثرة جداً:
((عَنِ الْوَضِينِ أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا
كُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ وَعِبَادَةِ أَوْثَانٍ، فَكُنَّا نَقْتُلُ
الأَوْلَادَ وَكَانَتْ عِنْدِي ابْنَةٌ لِي، فَلَمَّا أَجَابَتْ وَكَانَتْ
مَسْرُورَةً بِدُعَائِي إِذَا دَعَوْتُهَا فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا
فَاتَّبَعَتْنِي، فَمَرَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بِئْرًا مِنْ أَهْلِي غَيْرَ
بَعِيدٍ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَرَدَّيْتُ بِهَا فِي الْبِئْرِ وَكَانَ
آخِرَ عَهْدِي بِهَا أَنْ تَقُولَ: يَا أَبَتَاهُ يَا أَبَتَاهُ فَبَكَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَكَفَ دَمْعُ
عَيْنَيْهِ ! فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْزَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: كُفَّ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا
أَهَمَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَعِدْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ، فَأَعَادَهُ
فَبَكَى حَتَّى وَكَفَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنَيْهِ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ
قَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا عَمِلُوا
فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ ))
(سنن الدارمي)
يسأل عما أهمه، اقترف جريمة، ابنة كالوردة
تضعها في بئر وتهيل عليها التراب، تقول لك: يا أبتاه يا أبتاه ! فَقَالَ
لَهُ كُفَّ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا أَهَمَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَعِدْ
عَلَيَّ حَدِيثَكَ فَأَعَادَهُ فَبَكَى حَتَّى وَكَفَ الدَّمْعُ مِنْ
عَيْنَيْهِ عَلَى لِحْيَتِهِ ، الله عز وجل قال:
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (
بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)﴾
(سورة التكوير)
فالظلم يهتز له عرش الرحمن، ابنة بريئة، ماذا فعلت حتى قتلتها ؟ لكن هناك تعليق آخر: (( إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا عَمِلُوا فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ ))
الله رحيم، فاستأنف عملك، الآن دققوا في هذه الآية:
﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾
(سورة البقرة)
هذه البنت التي وضعها في البئر وأهال عليها
التراب دخلت إلى الجنة، ليست مكلفة، ماتت أو قتلت أو وأدت قبل التكليف،
ولكن هذه البنت التي تكبر يطلق لها العنان، يسمح لها أن تفعل ما تشاء، أن
تدخل إلى أي بيت تشاء، أن ترتدي وتلبس ما تشاء، أن تقرأ ما تشاء، أن تشاهد
من المسلسلات ما تشاء، هذه البنت التي تكبر على معصية، هذه البنت المفتونة
بالدنيا، المفتونة بالشهوات، المفتونة بالمعاصي والآثام، هذه البنت إلى أين
مصيرها ؟ إلى النار، تلك الني وأدت مصيرها إلى الجنة، وتلك التي أطلقت
وسُيبَت وأُرخي لها العنان، ولم يعلمها أبوها ولم يحملها على طاعة الله،
ولم يرعى دينها، ولم يرعى آخرتها، هذا فتنها، والفتنة أشد من القتل، دققوا
في هذا الكلام: هذا الذي لا يربي ابنته، هذه البنت التي ترتدي ثياباً على
قد جسمها تماماً من أبوها ؟ كيف تركها ؟ كيف سمح لها ؟ من أمها ؟ كيف سمحت
لها ؟ أين أخوتها ؟ هذا الذي يدع ابنته تفسد الشباب وتظهر كل مفاتنها في
الطريق، ولا يهتم بل يتباهى بها، هذا فتنها، والفتنة أشد من القتل.
أيها الإخوة الكرام: نحتاج إلى بيت إسلامي،
نحتاج إلى تربية إسلامية، نحتاج إلى قيم إسلامية تحكم بيوتنا وعلاقاتنا
وذهابنا ومجيئنا وحفلاتنا ومآسينا وأفراحنا وتجارتنا، نحتاج إلى دخل
إسلامي، نحتاج إلى بيت إسلامي، الله عز وجل قال:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾
(سورة النور)
أين الاستخلاف ؟ بربكم أين الاستخلاف ؟
﴿ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ
الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾
أين التمكين ؟ قولوا بربكم أين التمكين ؟
﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
أين التطمين ؟ الاستخلاف ولا تمكين ولا تطمين، لأنه خلف من بعدهم خلفاً أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات.
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾
(سورة مريم)
لقد لقي المسلمون ذلك الغي.
أيها الإخوة الكرام: الصلح الصلح مع الله، إذا
رجع العبد إلى الله نادى مناد في السماوات والأرض أن هنئوا فلانا فقد
اصطلح مع الله، والله الذي لا إله إلا هو إن السعادة التي تتنزل على بيت
المسلم لا توصف، على بيت منضبط، على بيت تقام فيه الصلاة، على بيت يذكر اسم
الله فيه، على بيت طاهر وعفيف، وعلى بيت يقيم حدود الله، نريد بيتاً
إسلامياً كفانا كلاماً، وكفانا صياحاً، وكفانا خطباً وقراءةً، وكفانا
مكتبات عامرة، وأشرطة ومؤتمرات، نريد بيتاً إسلامياً، حتى يرحمن الله، حتى
ينظر إلينا برحمته.
أيها الإخوة الكرام: آن الأوان، ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ؟
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المــقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأـطعته إن المحب لمن يحب يـــطيع
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
هناك شيء اسمه رحمة الله إذا تنزلت على قلب إنسان قلبت حياته جنة، بظروفه الصعبة ودخله المحدود، بمشكلاته الكثيرة، قلبت حياته جنة.
الهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا
فيما أعطيت، وقنا وأصرف عنا شرّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك،
وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد
على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم أصلح لنا ديننا، الذي هو عصمة
أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، واصلح لنا آخرتنا التي إليها
مردنا، واجعل الحياة زادا لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر،
مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك،
وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك،
يا رب العالمين، اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شرّ
خلقك، ونُبتلى بحمد من أعطى، وذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك
وحدك خزائن الأرض والسماء، اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم،
فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين، اللهم إن نعوذ بك من الفقر إلا
إليك، ومن الخوف إلا منك، ومن الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن
شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء، مولانا رب العالمين، اللهم اسقنا
الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تجعلنا من
القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين،
اللهم بفضلك ورحمتك أعلي كلمة الحق والدين، اللهم انصر الإسلام، وأعز
المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنه على ما تشاء قدير،
وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين .
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى،
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، أقم الصلاة وقوموا
غلى صلاتكم، يرحمكم الله .