د. محمد بن صالح العلي
في نهاية هذه الرحلة الممتعة مع هذا البحث يمكن أن نستخلص النتائج الآتية:
1- حاجة الأمة إلى التوسع في بحوث السياسة الشرعية، وفتح باب الاجتهاد السياسي، أو تجديد الفقه السياسي، وإعادة النظر من زاوية جديدة في كثير من قضايا السياسة الشرعية.
2- وجود فوائد عديدة تعود على الأمة من خلال تطبيق مبدأ الشورى- من أبرزها:
أ - توثيق روابط الألفة والتلاحم بين الأمة وقادتها.
ب - تمكين الأمة من الاستفادة من أصحاب الخيرة والرأي.
ج - اطّلاع القيادة على مطامح الشعب وآماله، ومعرفة مواطن القوة والضعف لديه.
3- وجود تلازم بين الشورى والنهضة والحضارة، فالشورى أساس من أسس بناء الحضارة الإسلامية، وهي سبب من أسباب تقدمها، وكذلك إلغاؤها وعدم الالتزام بها عامل من عوامل تخلف الأمة وضعفها.
4- تتميز الشورى بالمرونة في التطبيق؛ ذلك أن الإسلام شرع المبدأ العام، ورسم القاعدة الثابتة قي الشورى، وترك سبيل تنفيذها وأشكال إجرائها ليقررها الناس في كل زمان بما يناسبهم.
5- تستند الشورى في الإسلام على عدد من القيم كالعدل، والحرية، والجماعية، والشرعية، والأخلاقية، وهذه القيم بمثابة الأسس والضوابط التي تضبط الشورى، وتضمن عدم التلاعب بها، والميل بها عن أهدافها.
6- يطلق الإسلام على أهل الشورى اسم (أهل الحل والعقد)، وحدد لهم شروطاً، وتحديد هذه الشروط خاضع للاجتهاد، إذ إنه من مسائل السياسة الشرعية، والتي تخضع للنظر في المصالح والمفاسد.
7- ترجح لدي في مسألة عضوية المرأة لمجالس الشورى: أن هذه المسألة من مسائل السياسة الشرعية التي تخضع للنظر في المصالح والمفاسد، وفي هذا العصر الذي نعيشه لا أرى مانعاً يمنع المرأة من المشاركة في مجالس الشورى، مع الأخذ بالضوابط التي تقتضيها طبيعة المرأة وخصوصيتها.
8- كذلك يترجح لدي إعطاء المرأة حق الانتخاب.
9- يترجح لدي، الطريقة المناسبة لاختيار أعضاء مجلس الشورى هي انتخابهم واختيارهم من قبل الأمة، والانتخاب الذي نقصده هو الانتخاب المقيد، أي انتخاب من تتوفر فيهم الشروط والضوابط.
10- تتمثل اختصاصات مجلس الشورى في:
النظر في جميع القضايا التي لم يرد فيها نص شرعي.
القضايا التي ورد فيها نص شرعي فإن كان قطعي الدلالة، فلا تطرح القضية في مجلس الشورى إلا في حدود شرح النص ووضع الضوابط الكفيلة بتنفيذه.
القضايا التي فيها نصوص ظنية الدلالة يجوز للمجلس النظر فيها في حدود الاجتهاد الشرعي (1).
11- يترجح لدي أن الشورى ملزمة للحاكم المسلم؛ لأن هذا هو المناسب
12- أن العصر النموذجي للشورى هو عصر النبوة والخلافة الراشدة الذي التزم فيه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون بحقيقة الشورى.
13- بدأ الانحراف عن منهج الشورى بعد نهاية الخلافة الراشدة، وذلك لعدة أسباب، وهذا الانحراف بدأ متدرجاً، وأخذ يتوسع عصراً فعصراً، حتى جاء العصر الحديث الذي ابتعدت فيه الأمة عن الشورى، وحصلت محاولات لإعادة الأمة إلى منهج الشورى، ولكنها أخفقت.
14- كان انتقال الديمقراطية إلى العالم العربي على المستوى الفكري أولاً، حيث دعا بعض المفكرين إلى الأخذ بها مع بدايات النهضة كرفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، وكان هذا الجيل يحاول أن يمزج بين الديمقراطية والقيم الإسلامية، ثم ظهر جيلٌ يدعو إلى تمثل الديمقراطية الغربية بقيمها ومبادئها.
وأما موقف المفكرين الإسلاميين فقد انقسم قسمين:
موقفٌ يدعو إلى الاستفادة من الديمقراطية والتجانس معها.
وموقفٌ يرفض الديمقراطية بالجملة.
15- ثم انتقلت الديمقراطية إلى العالم العربي على مستوى الممارسة والتطبيق، وكان هذا الانتقال بمساندة ودعم من الاستعمار، وخدمة لأهدافه ..، ولكن التجربة كما يقرر كثير من المفكرين كانت فاشلة، وفيها عيوبٌ كثيرة، ومنا أنها لم تمنع الاستبداد والظلم في العالم العربي؛ بل كرّسته ورسّخته.
16- هناك إشكالية في استخدام مصطلح الديمقراطية بدلاً من الشورى، والذي نراه أن الأولى استخدام مصطلح الشورى، وعدم الخلط بينه وبين الديمقراطية، وذلك لاختلاف المنطلقات الفكرية، ولوجود فوارق بينهما.
17- أثبت البحث وجود تميز لنظام الشورى على النظام الديمقراطي في كثير من الجوانب أبرزها انبثاق نظام الشورى من العقيدة والأخلاق، ولكون نظام الشورى ذا طبيعة اجتماعية تربوية، وخضوع الشورى للشريعة الإسلامية.
18- هناك أوجه اختلاف بين الشورى والديمقراطية، منها:
في مبدأ سيادة الأمة، فالسيادة في الإسلام لله، والتشريع حقٌ لله بينما هو في الديمقراطية للشعب.
في مبدأ التعددية السياسية والفكرية، حيث تقوم الديمقراطية على مبدأ التعددية، وتتيح المجال للمبادئ المناقضة للإسلام كالشيوعية والعلمانية ..، بينما الإسلام يمنع ذلك، وإن كان البعض ذهب إلى جواز التعددية السياسية الشبيه بتعددية المذاهب الفقهية.
في قيام الديمقراطية على فصل الدين عن الدولة، فالديمقراطية نظامٌ علماني، بينما الشورى مرتبط بتطبيق الشريعة الإسلامية.
في تقرير الحريات، فالديمقراطية تفتح المجال للحريات من غير ضوابط، بينما الإسلام يضع ضوابط للحرية، ويجعلها في إطار العبودية لله تعالى واتباع شرعه.
19- هناك أوجه اتفاق بين الشورى والديمقراطية، حيث يتفقان في إعطاء الحرية للناس في اختيار من يحكمهم ومحاسبتهم له ومراقبتهم له، ومن أبرز وجوه الاتفاق:
في مبدأ اختيار الحاكم ومراقبته وعزله.
في مبدأ اختيار الأمة لممثليها.
في مباشرة الأمة للسلطة.
20- هناك إمكانية للتجانس والتكامل بين الشورى والديمقراطية، وليس هناك ما يمنع أن تستفيد الشورى من آليات الديمقراطية، ومن الأمثلة على ذلك:
آلية الانتخاب.
الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات.
مبدأ تداول السلطة.
21- حاجة الأمة إلى العودة إلى تفعيل نظام الشورى في حياتها، وأن ما أصابها من تخلف وضعف إنما هو بسبب الاستبداد والبعد عن العدل والشورى، ومن أبرز الخطوات في هذا الطريق:
أ - الاهتمام بتربية أفراد المجتمع على الشورى وممارستها.
ب - إصلاح المجتمع الإسلامي.
ج - العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية.
د - البناء السياسي للأمة.
ه- البناء الفقهي والشرعي.
و - قيام الهيئات والجماعات الإسلامية بتمثل الشورى وتطبيقها.
ز - استعادة الثقة بين القيادات السياسية والشعوب.
هذه أبرز نتائج البحث، وأرجو أن يكون هذا البحث خطوة من خطوات العودة بالأمة إلى نظام الشورى، وأن يوفق العاملين المخلصين لتحقيق هذا الهدف.
مراجع البحث:
1- الاتجاهات السياسية في العالم العربي/ مجيد خدوري، الدار المتحدة للنشر، بيروت(د.ت).
2- أحزاب المعارضة العلنية في العراق، عادل غفوري، المكتبة العالمية، بغداد، 1404ه- 1984م.
3- أحكام الذميين والمستأمنين، د. عبد الكريم زيدان، مكتبة القدس ومؤسسة الرسالة(د .ت).
4- الأحكام السلطانية، لأبي على الفراء. الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الرياض (د.ت).
5- الأحكام السلطانية والولايات الدينية، لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الرياض (د.ت).
6- أحكام القرآن، لابن العربي.
7- أخبار مكة للأزرقي، تحقيق: ويستنفيلد، لايدن، 1858م.
8- آراء ابن تيمية في الحكم والإدارة، د. حمد بن محمد آل فريان.دار الألباب، الرياض، 1421ه- 2000م.
9- الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت. مطبوعات الإدارة العامة للثقافة الإسلامية بالأزهر، 1959م.
10- الإسلام والاستبداد السياسي، محمد الغزالي. دار الكتاب العربي، 1988م.
11- الإسلام والديمقراطية، فهمي هويدي. مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1413ه- 1993م.
12-الإسلام وأوضاعنا القانونية، عبد القادر عودة.مؤسسة الرسالة 1405ه- 1984م.
13- الإسلام والدولة الحديثة، د. عبد الوهاب الأفندي. دار الحكمة، لندن، (د.ت).
14- الإسلام وفلسفة الحكم، د. محمد عمارة. المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979م.
15- الإسلام ومستقبل الحضارة، د. صبحي الصالح. دار الشورى، بيروت،1990م.
16- أصول الفكر السياسي، د. ثروت بدوي. دار النهضة العربية، 1970م.
17- أصول المعارضة السياسية، عبود عبد الله العسكري. دار النمير،دمشق، 1997م.
18- أصول النظام الاجتماعي في الإسلام، محمد الطاهر بن عاشور، تحقيق: محمد الطاهر الميساوي.دار النفائس(د.ت).
19- إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، تعليق: طه عبد الرءوف . مكتبة الكليات الأزهرية، 1388ه- 1968م.
20-الإمام أبو حنيفة(حياته وعصره وآراؤه الفقهية)، محمد أبو زهرة. دار الكتاب العربي(د.ت).
21- أم القرى، عبد الرحمن الكواكبي. دار الرائد العربي، بيروت 1982م.
22 الأنظمة السياسية المعاصرة،د. يحي الجمل
23- بحوث الشورى في الإسلام. المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، عمان، 1989م.
24- البداية والنهاية لابن كثير، تحقيق: د. عبد الله التركي.
25- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، للألوسي
26- التاريخ الإسلامي (الدولة العباسية،ج 2) محمود شاكر.المكتب الإسلامي 1405ه-.
27- التاريخ الإسلامي (العهد الأموي) محمود شاكر. المكتب الإسلامي.
28- التاريخ الإسلامي (العهد العثماني )محمود شاكر. المكتب الإسلامي، 1406ه-.
29- تاريخ الأمم والملوك، للطبري.
30- تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي.دار الفكر بيروت.
31- تاريخ عمر بن الخطاب، ابن الجوزي.
32- تاريخ المذاهب الإسلامية، محمد أبو زهرة.
33- تأصيل وتنظيم السلطة في التشريعات الوضعية والشريعة الإسلامية،د. عدي زيد الكيلاني. دار البشير، عمان .
34-التجديدالسياسي والواقع العربي المعاصر سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل.
35- تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، بدر الدين بن جماعة، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد.مطابع الدوحة الحديثة، 1984م.
36- تحولات الفكر والسياسة في الشرق دمحمد جابر الأنصاري. المجلس الوطني للثقافة والفنون، الكويت. 1400ه- 1980م.
37- التخلف السياسي في الفكر الإسلامي المعاصر د.صلاح الدين أرقه دان . دار النفائس، 1423ه- 2002م.
38- تدوين الدستور الإسلامي، أبو الأعلى المودودي. دار الفكر،دمشق، (د.ت).
39 التعددية (أصول ومراجعات بين الاستتباع والإبداع) د. طه جابر العلواني. المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1417ه- 1996م.
40 التعددية السياسية في الدولة الإسلامية،د. صلاح الصاوي.
41 التعددية السياسية في التراث العربي الإسلامي، د. أحمد صدقي الدجاني. منتدى الفكر العربي، 1989م.
42 التعددية السياسية والديمقراطية في الوطن العربي،د. سعد الدين إبراهيم. منتدى الفكر العربي، 1989م.
43- تفسير ابن كثير .دار إحياء الكتب العربية.
44 تفسير المنار، محمد رشيد رضا.
45 الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي د صلاح الصاوي. أضواء البيان.
46- الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي.
47- جاهلية الديمقراطية، غازي عناية.
48- الحسبة في الإسلام، شيخ الإسلام ابن تيمية، المطبعة السلفية 1350ه-.
49- الحرية في الإسلام، محمد الخضر حسين، دار الاعتصام 1982م.
50- حكم الشورى في الإسلام ونتيجتها، د. محمد عبد القادر أبو فارس. دار الفرقان 1408ه- 1988م.
51- حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى، الأمين الحاج محمد أحمد . دار المطبوعات الحديثة،جدة 1989م.
52- الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا، د. يوسف القرضاوي. مؤسسة الرسالة 1400ه- 1980م.
53- الخلافة والإمامة (ديانة وسياسة) عبد الكريم الخطيب . دار المعرفة بيروت 1395ه- 1975م.
54- الخلافة، محمد رشيد رضا ، الزهراء للإعلام 1408ه- 1988م.
55- الدرر، أديب إسحاق، جمع وتقديم: ناجي علوش . دار الطليعة، بيروت ن 1982م.
56- الدر المنثور، جلال الدين السيوطي.
57- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير.دار الفكر، بيروت.
58- رسائل الإصلاح، محمد الخضر حسين، مكتبة القدس، القاهرة 1358ه- 1939م.
59- الدولة القانونية والنظام السياسي في الإسلام،د. منير البياتي. جامعة بغداد، 1978م.
60- الديمقراطية في ميزان العقل والشرع،د. نايف معروف، دار النفائس 1425ه- 2004م.
61- زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم، تحقيق: شعيب الأرناءوط، وعبد القادر الأرناءوط . مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405ه- 1985م.
62- سبل السلام، للصنعاني.
63- سراج الملوك، لأبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي.
64- السياسة بين النظرية والتطبيق، د. محمد علي محمد ود. علي عبد المعطي محمد. دار النهضة العربية، بيروت 1405ه- 1985م.
65- السياسية الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، شيخ الإسلام ابن تيمية.
66- السياسية الشرعية ومفهوم السياسة الحديث، محي الدين محمد قاسم . المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1418ه- 1997م.
67- السنن الكبرى، للبيهقي.
68- سياسات الإسلام المعاصر،د.رضوان السيد دار الكتاب العربي،1418ه-1997م.
69- شرعية السلطة والنظام في حكم الإسلام، د. صبحي عبده سعيد. دار النهضة العربية 1420ه- 1999م.
70- الديمقراطية في الميزان، سعيد عبد العظيم.دار الفرقان (د.ت).
71- الشورى لا الديمقراطية،د. عدنان النحوي.دار النحوي، 1421ه- 2001م.
72- الشورى أعلى مراتب الديمقراطية، د. توفيق الشاوي. دار الزهراء للإعلام العربي، 1414ه- 1994م.
73- الشورى في الإسلام، خالد أبو سمرة.