يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
( قل ) أمر له - - فجوابهم تلاوة هذه السورة الشريفة عليهم ، قوله ( هو ) الهو هنا ، مبتدأ لفظا ومعنى ،
فإنه يشار به إلى الذات الغيب المطلق ،
فهو غيب الغيوب الذي لا شعور به لأحد إلا من حيث أنه لا شعور به ، بمعنى أنه يشار به إلى الذات ،
من غير ملاحظة شيء من غيبة أو حضور أو خطاب ،
كما
هو في الاصطلاح وإلا فالذات من حيث هو لا دلالة للفظ عليه ، ولا علم لأحد
به ، فليس ( الهو ) هنا بضمير يطلق على كل غائب ، كما هو عند النحويين بل
هو إشارة إلى كنه الذات ، الذي لا يعلم ولا يدرك ،
حيث كان شأن ما لا يدرك ولا يعلم أن يكون غائباً لا غير ، وإلا فهو الغائب الحاضر عند التحقق ،
كما أن المراد ( بالهو ) هنا ، الهوية المجردة ،
لا الهوية السارية إذ ( للهو ) اعتباران :
فباعتبار التجرد عن المظاهر والتعينات يسمى :
هوية مرسلة ومطلقة ، وباعتبار سريانه في المظاهر وقوميته لكل موجود يسمى : هوية سارية
ويسمى الذات في مرتبة إطلاقها : بالمعجوز عنه ، عند أرباب هذا العلم ، فلا يتعلق به علم من كل مخلوق ،
وعن هذه المرتبة أخبر بقوله :
وإن الملأ الأعلى ليطلبونه كما تطلبونه وحيث لا يتعلق به علم في هذه المرتبة فلا يصح عليه حكم ،
إذ كل علم وعالم ومعلوم وحكم وحاكم ومحكوم به ،
إنما هو متقوم بالذات فليس هو الذات المشار إليه ( بالهو ) فلا يتصور ، فلا يعلم ، فلا يحكم عليه ،
وكما
أنه لا يعلم لا يجهل ، إذ التصور أول مراتب العلم والجهل لا يرد إلا على
ما يرد عليه العلم فلا يقال فيه معلوم ولا مجهول ، ولا موجود ولا معدوم ،
ولا قديم ولا حادث ، ولا واجب ولا ممكن فهو مادة العدم والوجود المقيدين ،
أو المطلقين
الهو :
هو الحقيقة ، الذي لا يدرى ولا يعرف ولا يسمى ولا يوصف ، وهو غيب كل شهادة وحقيقة كل حق ،
لا يزول ولا يحول ، ولا يذهب ولا يتغير ،
فليس المراد بالهو ضمير الغائب المقابل للمتكلم والمخاطب