( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد
الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع
البصير ) سورة الإسراء
بدأ الله عز وجل هذه السورة المباركة بقوله سبحان الذى اسرى ومعنى كلمة
سبحان أى تعاظم ، إن العظمة لله ، وإن الجبروت لله ، وإن الكبرياء لله ،
وإن كل شئ بيد الله يعلم السر وأخفى من السر لا تخفى عليه خافية فى الأرض
ولا فى السماء ، هذه معنى قوله تعالى سبحان الذى أسرى بعبده ليلا ، تعاظم
الله عز وجل بقدرته وبمشيئته وعظمته وبين للأمة قدرته فى معجزة النبى
الخالد إلى يوم القيامة ألا وهى معجزة الأسراء والمعراج ، والمعجزة فى حق
الأنبياء كرامة تصديقا لهم فى رسالتهم وتصديقا لهم فى أقوالهم فالمعجزة أمر
غارق للعادة فتستحيل البشرية أن يأتوا بمعجزة مثل معجزة سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقد حدث من معجزات حسية أن سيدنا قتادة رضى الله تعالى
عنه سقطت عيناه يوم أحد على خديه وجاء إلى النبى صلى لله عليه وسلم وقال له
: سقطت عينى يا رسول الله ، فإذا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يأخذ عين قتادة من على خده ويضعها فى مكانها فتكون أحسن من السليمة ، هذه
معجزة سيدنا رسول اللع صلى الله عليه وسلم أما الفساق والفجار كمسيلمة
الكذاب علييه لعنه الله أدعى النبوة فى زمانه وظن الناس بعض الفاسقين أنه
نبى من الأنبياء ولابد للنبى ان تتحقق عليه معجزة فجاء إليه رجلا أعور وقال
له : يا مسيلمة إن محمد نبى الإسلام رد عين قتادة وأنا أعور أتستطيع أن
ترد عينى ؟ قال له : نعم ، فتفل مسيلمة الكذاب فى عين الأعور فعمى له
السليمة ،
والنبى معجزة تصديقا له فى رسالته صلى الله عليه وسلم حتى نمير بين المدعين
وبين الصادقين وأن نعلم أن معجزة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
خالدة إلى يوم القيامة وأفضل المعجزات هى القرآن الكريم الناطق للأمة المحى
للدنيا بأكملها المثبت أقدام المؤمنين فى الأرض 0
ثم تتوالى بعد ذلك المعجزات فتأتى معجزة الأسراء والمعراج يبدأها الله
بقوله سبحان الذى أسرى بعبده ويختم القرآن الكريم هذه الأية بختام يقول عنه
بعض المفسرين فى هذا إلا من شذا عنهم لنريه من اياتنا من الذى سيرى ؟ إنه
الله ومن الذى سايرى إنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيقول الله عز
وجل عن نفسه لنريه من أياتنا إنه هو السميع البصير أى أن سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم هو السميع بما يسمع وهو البصير لما رأى من قدرة الذات
الإليهة يوم الإسراء والمعراج فقال عز وجل ( إنه هو السميع البصير )
المقصود به هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمع اصواتا فى الجنة ،
وأصواتا فى النار ، ورأى قدرة العظيم القهار سبحانه وتعالى ليلة الإسراء
والمعراج وأى معجزة هذا أن يذهب رجلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
فى لحظة واحدة والعودة إليها كما تقول أم هانى رضى الله تعالى عنها وأرضاها
: عاد النبى إلى فراشه بعد رحلة الإسراء المعراج وكان فراشه مازال ذافئا-
أى قدرة هذه تتحقق لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 0
لقد قام سفير الأنبياء وسفير الوحى سيدنا جبريل عليه السلام وكانت الأمور
ترقب بالسماء وكان كل براق يتمنى أن يحمل النبى صلى الله عليه وسلم عل ظهره
– يقول النبى صلى الله عليه وسلم أخبره سيدنا جبريل عليه السلام إن البراق
الذى حمله كان يبكى منذ أن خلق فى الجنة فسئله جبريل عن سبب بكائه ؟ فقال :
وجدت ‘لى رأس البراق مكتوب عليه أسم محمد فسئلت عن هذا الاسم ، قالوا : إن
هذا البراق سيحمل خاتم النبين ويأخذه برحلة من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى ومنها بعد ذلك إلى سدرة المنتهى ثم إلى المسجد الحرام فقد سعد برسول
الله وبحمله وأما انا فيا ويلى لم أصب من هذا الخبر بشئ فظل باكيا فشرفه
الله بحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم
براق كان يترقب سالماء ورحلة الإسراء والمعراج وملائكة فى الماء كانت فى
إستقبال رسول الله هنا يأتى قول النبى محققا عندما يقول صلى الله عليه وسلم
كنت نبى وإن آدم لمنجدل فى طينته ، كنت نبى وآدم بين الروح والجسد ولما
سئله سيدنا جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن أول خلق الله ؟ فقال : له
أعلم يا جابر إن أول ما خلق الله هو نور نبيك يا جابر 0 اللهم ثلى وسلم
وبارك وأنعم عليك يا حبيبى يا رسول الله ، يا أول المرسلين ، يا أول خلق
الله ، يأتى سيدنا جبريل بالبراق وينادى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
فيقول البنى صلى الله عليه وسلم : فخرجت فإذا بملاكين عليهم ثياب بيض
ومعهم طست من ذهب ومعهم ماء من سدر ثم أجلسانى وشق صدرى وأخرج قلبى وغسلاه
بماء السدر وملائه نور ثم عاد كما كان كى يستقبل نور الملائكة فى الأرض
فبعدها كنت أمر على الحجارة فى الجبال فيقول الحجر السلام عليك يا محمد (
حجر يسلم على رسول الله ) ولما جاءنى جبريلل بالرسالة مررت على الحجر فقال
السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن الحجارة علمت أقدار
نبينا إن الجبال علمت أقدار نبينا إن التراب عرف أقدار نبينا إن الأشجار
علمت أقدار نبينا ( جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشى إليه على ساق بلا قدمى )
– كنت غذا ذهبت إلى إجياد كنت أرى نورا مرة ونورا مرة وأخذ وآخر ينادى يا
محمد يا محمد فوضع النور فى قلب البنى ليستقبل نور الملائكة فلما جاء الأمر
الإلهى شق صدر النبى لغستقبال نور جبريل ونور القرآن فلما جاء لملاقة الله
وضع الله فى قلبه نورا حتى يستطيع أن يرى نور العظمة الإلهية ، وهذه مراحل
فى حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة فى صغره ومرة شبابه ومرة
قبل الرسالة ومرة عنه الغسراء والمعراج 0
وركبت البراق فأهتز فقال له جبريل : أثبت يا براق إن راكبك هو خير البرية
صلى الله عليه وسلم ، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم فركبت البراق ومشى
معى جبريل فإذا منادى ينادى يا محمد يا محمد فلم ألتفت إليه ولم أرد عليه
فسئلت أخى جبريل من هذا الصوت يا أخى يا جبريل ؟ فيقول جبريل : هذا هو داعى
اليهودية ولو أجبته لتهوددت أمتك ، قال : فمشي البراق وبعدها سمعت منادى
يقول : يا محمد يا محمد فلم ألتفت ولم ارد عليه فسئلت من هذا الصوت يا أخى
يا جبريل ؟ فقال : هذا هو داعى النصرانية ولو أجبته لتنصرت أمتك ، قال : ثم
مر البراق فإذا بأمرأة جميلة حسناء وتنقلب بعدها إلى أمرأة قبيحة رائحتها
نتينة فتنادى يا محمد يا محمد ، فقلت من هذه يا اخى يا جبريل ؟ قال هذه
الدنيا يا محمد ولو أجبتها لفتنت بها أمتك ، ثم وقف البراق فقال له : لماذا
وقف البراق يا جبريل ؟ قال : يا محمد إن هذه الأرض هى أرض الهجرة وإن هذا
المكان هو مقامك يا محمد غلى يوم القيامة 0
ثم وصل إلى المسجد الأقصى فربط جيريل لبراق فى الحلقة التى كان يربطتها
الانبياء قال : فوجدت الانبياء جيمعا واقفين منتظرين سيد الخلق وحبيبب الحق
صلى الله عليه وسلم لأن الأنبياء للنيى تبع وإن الأمم للأمة الإسلامية تبع
قال : فتقدمت وصليت بهم إماما ، عندما نقول يا إمام المرسلين عندما نقول
لجميع الطوائف والأمم أقرأو سورة ىل عمران الأية (81) وإذ أخذ الله ميثاق
النبين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنين به
ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلك إصرى قالوا أقررنا 0
ما من نبى من الأنبياء إلا وأخذ العهد عليه فقال له يا فلان أنت نبى فى
الأرض وإذا ظهر محمد وأنت موجود فأشهد أنه رسول الله ، فلم يرى الأنبياء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم فتقدم النبى وصلى بهم جميعا ، وهنا
يأتى الأمر من الله إلى الحبيب أن يركع ركعتين على سنة الخليل إبراهيم عليه
السلام حتى يستقبل بعدها رحلة المعراج التى رأى النبى صلى الله عليه وسلم
فيها من آيات ربه الكبرى 0
من خطبة الشيخ محمد حماد