عضل البنات

لخطبة الأولى

الحمد لله الذي وفق العاملين
لطاعته ، فوجدوا سعيهم مشكوراً ، وحقق آمال الآملين برحمته ، فمنحهم
عطاءً موفوراً ، وبسط بساط كرمه على التائبين ، فأصبح ذنبهم مغفوراً .
أحمده جل وعلا ، فهو الواحد
الذي من قصد غيره ضل ، العزيز الذي من اعتز بغيره ذل ، العظيم الذي تفرد
بصفات الكمال والجلال سبحانه وتعالى وجل .
وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , صلى الله وسلم وبارك
عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
... أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً )
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً )
أيها المسلمون :
دخلت امرأة على أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها ، ومعها ابنتان لها تسأل لحاجتها ، فلم تجد عائشة
غير تمره واحده , فأعطتها ، فقسمتها الأم بين ابنتيها الصغيرتين , ولم
تطعم منها شيئا , ثم قامت الأم وخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على
أم المؤمنين عائشة ، فأخبرته ، فقال:
( من ابتلي من هذه البنات بشيء ، فأحسن إليهن ، كن له ستراً من النار ) متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها أيضا
قالت :جاءتني مسكينة ، تحمل ابنتين لها ، فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل
واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلى فمها تمره لتأكلها ، فاستطعمتها ابنتاها،
فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها إلى نصفين لابنتيها ، ثم خرجت ، فلما
دخل النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بذلك فقال :
( إن الله قد أوجب لها بها الجنة ، أو أعتقها من النار ) رواه الإمام مسلم .
هكذا أيها الإخوة :
يعظِّم الإسلام شأن البنات ، ويعلي من قدرهن ، لدرجة أن الإحسان إليهن ، يكون ستراً من النار، بل يدخل الجنة وينقذ من النار .
أيها الإخوة الكرام :
البنات شأنهن عظيم ، وقدرهن كريم ،حرم الله وأدهن (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ).
ومن رزقه الله بالبنات ، فهو
المقدَّم على غيره بالثناء ، في قول الله تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ
إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ{49} أَوْ يُزَوِّجُهُمْ
ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ
قَدِيرٌ) .
والأنبياء آباء بنات ، كما يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى .
ومن كان له بنتين فأكثر ، فقام على كسوتهن ورزقهن وتربيتهن وتزويجهن كان رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
ففي صحيح الإمام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من عال جاريتين حتى تبلغا ، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين ) وضم أصابعه صلى الله عليه وسلم .
أيها المسلمون الموحِّدون :
أما الجاهلية التي كان يحكم
بها الطواغيت ، من الملحدين والمنافقين ، فإن البنت لا تساوي عندهم شيئا ،
فأحدهم : إذا بُشِّر بالأنثى ظل وجهه مسوداً ، وهو لا يدري أيصبر على
العار فيتركها حيَّة ، أم يدسُّها في التراب ، هكذا تفعل الجاهلية الظلماء .
بل إن أهل الجاهلية قديماً
وحديثاً ، يختلقون من الأساليب ما فيه إهانة للبنت ، وحطٌّ من كرامتها ،
ومن ذلك ما يسمى ( بعضل البنات ) .
قال الله تعالى عضل البنات 02

وَإِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن
يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ)
وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن
تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ
مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) .
ومن أنواع العضل للبنات ما يلي :
أولا :
كانت البنت إذا طلقها زوجها
طلقة ، أو طلقتين ، وانتهت عدتها قبل أن يراجعها زوجها ، ثم أراد زوجها أن
يرجع إليها بزواج جديد ، فإن أولياءها يمنعون من ذلك .
وقد حدث هذا لأخت الصحابي
الجليل معقل بن يسار رضي الله عنه ، فحلف أن لا ترجع لزوجها ، فنزل قول
الله تعالى : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ
تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم
بِالْمَعْرُوفِ) فقال معقل رضي الله عنه :
سمعا وطاعة لربي ، ثم عقد له عليها وزوجها من جديد .
ومن عضل البنات : ثانيا :
كان الرجل إذا مات عن زوجته ،
قام أحد قراباته ، وألقى على زوجة قريبه ثوبا ، فإن كانت جميلة تزوجها ،
وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت .
ثالثا :
كان الرجل إذا مات عن زوجته ، فإن الإبن الأكبر له ، هو الذي يختص بزواجها ، فيتزوجها أو يزوجها لمن يشاء .
رابعا: ومن العضل للبنات :
إذا كره الرجل زوجته وأبغضها :
حبسها وضربها وضيق عليها وأهانها ولطَّخ سمعتها ، ثم يتركها معلَّقة ، فلا
هي زوجة له ، ولم يُخْلِ سبيلها حتى تتزوج بغيره ، فتضطر الزوجة أن تفتدي
نفسها منه ، فترد له المهر مكرهة ، وقد تستدين هي وأهلها ، من أجل سداده
حتى يتركها0
أيها المسلمون :
هذه أربع من صور عضل النساء ، التي يفعلها أهل الجاهلية قديما وحديثا .
وللحديث بقية .
أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ... أما بعد :
أيها المسلمون :
ومن صور عضل البنات وظلمهن :
خامسا :
كان الرجل يطلِّق المرأة
الطلقة والطلقتين والثلاث والأربع ، إلى ما لا نهاية ، يقصد الإضرار بها ،
فلا هي زوجة له ، ولم يتركها حتى تتزوج بغيره .
سادسا : ومن العضل للبنات :
منع البنات من الزواج حتى يرثوهن ، فيمنعها من الزواج في حياتها ، حتى إذا ماتت ورثها .
سابعا :
كانت اليتيمة تكون عند الرجل ، فيحبسها حتى تموت أو تتزوج ولده .
ثامنا : ومن العضل والظلم للبنات
منعها من الزواج من أجل
راتبها أو وظيفتها ، أو يشترط عليها راتبها كاملاً أو أغلبه ، فتكون البنت
كالأجيرة ، ولا حول لها ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
تاسعا : ومن العضل والظلم للبنات .
أن الأولياء : يشترطون نسباً كنسبهم ، وشرفاً كشرفهم ، وقبيلة كقبيلتهم ، وإلا بقيت البنت دون زواج إلى الممات .
عاشرا : ومن العضل والظلم للبنات .
منع المرأة من الميراث ، فلا
يعطونها إرثها ، أو يضغطون عليها بوجه الحياء ، ويقولون لها : كيف تأخذين
من الميراث مع إخوانك الذكور ؟ إخوانك الذكور هم أولى بالميراث ، عندهم
أولاد ، عندهم عوائل ، عندهم ظروف ، عليهم ديون ، وهكذا يعددون لها
الأعذار، حتى تستحي منهم ، ويتقاسمون الميراث دونها .
أو لا يقتسمون الميراث أصلا ،
لأنهم لو اقتسموه ، يخافون أن تأخذ المسكينة حقها ، وقد تكون هي فقيرة
محتاجة لحقها من الميراث ، الذي لو حصلت عليه لربما تصرفت فيه ببيع أو هبة
أو صدقة أو نحو ذلك.
لكن هم لا يراعون كل هذا ، إلى أن تموت المسكينة ، دون أن تستفيد من إرثها شيء .
والبعض الآخر من أهل الجاهلية :
يعطون المرأة جزءاً يسيراً من
ميراثها ، ولا يعطونها كاملا ، فيذهب إرث المسكينة في النهاية إلى زوجات
أوليائها ، اللاتي ليس لهن ناقة ولا جمل فيه أصلاً
والبعض الآخر من أهل الجاهلية :
يريد أن يستفيد هو من أكبر
قدر من الميراث قبل قسمته ، فالأموال النقدية يضارب ويساهم بها ، والأراضي
يحرثها ويزرعها ، والمواشي يحلبها ، ويبيع ويشتري بها ، والبيوت يسكنها ،
فلو تمت القسمة لهذه المرأة ، لم يبق له إلا النزر اليسير من الميراث ، وهو
لا يريد ذلك ، هذا كله من فعل الجاهلية 0
حادي عشر : ومن العضل والظلم للبنات
مغالاة أولياء الأمور في مهور
بناتهم ، والمباهاة بتكاليف الزواج ، حتى الفقير من الناس والمحتاج منهم ،
فإنه يتطلع إلى أن يفعل ما يفعل الأغنياء من البذخ والترف ، بل يرجو أن
يفعل أكثر مما فعلوا ، فينفر الخطاب من البنات ، ويشرِّقوا أو يغرِّبوا
لعلهم يجدون المراعاة لأحوالهم ، فمن تكاليف الخطوبة ، إلى تكاليف عقد
الزواج ، إلى تكاليف حفلات الزواج ، أموال تصرف وتهدر ، لو جمعت لبلغت
مبلغا من المال : يزوجه بأربع من الزوجات عند غير هؤلاء 0
أيها المسلمون :
يا من رضيتم بالله ربا
يا من رضيتم بالله حكما
يا من رضيتم بالله مشرِّعا عدلا
أحسنوا إلى البنات ، أحسنوا إلى البنات ، أحسنوا إلى البنات ، فإن نبيكم صلى الله عليه وسلم دعا الله وقال :
( اللهم إني أحرِّج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة ) رواه الإمام أحمد 0
ومعنى أحرِّج : أي ألحق الحرج والإثم بمن ضيع حقهما
اللهم أصلح أحوالنا ، واغفر لنا خطيئاتنا ، وأقل عثرتنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم صل على محمد ...

» فضل رعاية البنات
» معلومات سريه عن البنات!!
» المبشرات في تربية البنات
» مقارنة خطييييييرة بين البنات والشباب.....
» خطبة جمعة عن الإحسان إلى البنات