الشيخ القرضاوي: السلفية والصوفية اتفقفتا على تسفيه الثورات العربية
جدد العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين، التأكيد على أن "تحقيق الحرية مُقدَّم على تطبيق الشريعة
الإسلامية". ونبه لخطورة إهمال الناس للحرية وترك الحكام يأكلون حقوق
الناس، ويستبيحون أعراضهم ويسفكون دماءهم. وشدد على ضرورة تثقيف الأمة
بحقوقها.وأكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فضيلة
الشيخ يوسف القرضاوي، أن ما يقوم به الشباب العربي حاليا ليس من الفتنة في
شيء، لأن الإسلام يأمر بإزالة "الظلم الذي يمارسه الحكام في أبشع صفاته".
وأوضح القرضاوي في كلمة بندوة نظمها الاتحاد في الدوحة
عن علاقة الحاكم بالمحكوم، إن "السلفية المتعصبة والصوفية اتفقتا على تسفيه
الثورات العربية، عبر الترويج لثقافة سامة تربط الفتنة بالخروج على
الحكام". وطالب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالعمل على بناء دولة
مدنية بمرجعية إسلامية، مشيرا إلى أن مبدأ دينية الدولة ليس من الإسلام.
وقال القرضاوي إن الظلم وإضاعة حقوق الناس يجيزان
للشعوب الخروج على حكامها، مضيفاً أن تحقيق الحرية مقدم على تطبيق الشرع في
الإسلام. وطالب باستثمار الثورات التي نهبت في عدد من الدول العربية،
واعتبرها "أمانة في أعناق جيلنا". وأضاف: "لا يجوز أن نضيع ما جاءت به
الثورات من معان وقيم، ونرجع لما كنا عليه". وتابع: "لا بد أن نحافظ على
مواريث الثورات التي أحيت الأمة من جديد".
وحمل الشيخ القرضاوي بشدة على "الثقافات الميتة" التي
وقفت في وجه الثورات، واعتبرتها خروجا على تعاليم الإسلام. وأبدى، حسب ما
نقلته "العرب" القطرية، دهشته من توافق الصوفية والسلفيين على معارضة
الثورات، رغم اختلافهما فقهيا وفكريا.
وانتقد القرضاوي مواقف المؤسسة الدينية الرسمية التي
اعتبرت ثورة الشباب "فتنة"، ووصفت القائمين بها بأنهم "دعاة فوضى وخارجون
على الحاكم".
ووصف الشيخ القرضاوي معارضة بعض العلماء للثورات بأنها
"ثقافة مسمومة ومضللة ومحرَّفَة". وأكد أن ما تقوم به الشعوب المظلومة
والمقهورة من ثورات على الحكام الظلمة من "صميم الدين الحق". ونبه إلى أن
الإسلام يأمر بمجاهدة الظلمة داعيا إلى تربية الأمة على كيفية الوقوف ضد
الظلمة.
واعتبر استمرار قيام الثورات في عدد من الدول الإسلامية
بداية لانتشار ثقافة "لا" ضد الظلم والقهر. ودعا رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين لفهم أعمق وأشمل للأحاديث النبوية، التي تدعو لطاعة الحاكم
طاعية عمياء. مطالبا بثقافة شرعية سياسية تضبط علاقة الحاكم بالمحكومين.
وشكك القرضاوي في صحة الأحاديث التي تدعو لعدم الخروج
على الحاكم حتى لو ضرب المحكومين على ظهورهم. وقال: "لا طاعة لحاكم يتجاهل
مرجعية القرآن". ودعا د.القرضاوي لتغيير بعض الثقافات الخاطئة التي رسخت في
المجتمعات المسلمة، كالاعتقاد بأن الدولة الإسلامية دولة دينية. مشيرا إلى
خطأ الاعتقاد بأن الدولة الإسلامية لابد أن تكون دينية. ورأى أن الدولة
الإسلامية "دولة مدنية شُورية بمرجعية إسلامية". وقال: "المسلمون لا يعرفون
شيئا اسمه الدولة الدينية المشهورة في زماننا بالدولة الكهنوتية أو
الثيوقراطية". ولفت إلى أن الدين أحد مقاصد الشريعة الخمسة: "الدين والنفس
والنسل والعقل والمال"، موضحا أن الدين جزء من خمسة أجزاء تكوِّن الشريعة
الإسلامية.
وتمنى القرضاوي أن يتحقق النصر الثالث في ليبيا عن
قريب، بعد نصر تونس ومصر "ألا إن نصر الله قريب". وذكر أن موضوع السياسة في
غاية الأهمية. وأقسم أمام الحضور بأنه لم يكن يتوقع في حياته أن تقع ثورات
كالتي حدثت بمصر وتونس وتحدث في ليبيا. وقال: "أمتنّ لله سبحانه وتعالى
وأحمده، وأعتبر هذه الأيام أياماً للحمد والشكر". واعتبر تلك الثورات
الرائدة والقائدة والمعلمة دليلا على استيقاظ الأمة من نومها، وحياة من
مواتها، واجتماع من شتاتها.
للإشارة، فإن الشيخ القرضاوي كشف عن أنه يكتب كتابا جديدا يبين ضرورة تربية الأمة ضد الظالمين.