هذه
سنة الله في إهلاك الظلمة فرداً أو قرية كما في الحديث ، أو دولة كما فعل
الله في الاتحاد السوفيتي. و قد أمهل الله من ظلمة الكفار فرعون على سبيل
المثال إلى أن أغرقه في البحر ، بعد معاناة شديدة لبني إسرائيل ، و أخْذٍ
بالأسباب من موسى وهارون ودعاء . قال تعالى : (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا
إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى
يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ، قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا
فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)
يونس .
فأجاب دعوتهما و أمرهما بالاستقامة .
وأمهل الله من ظلمة
المسلمين على سبيل المثال الحجاج بن يوسف الثقفي الذي سماه النبي عليه
الصلاة والسلام مُـبِـيْراً في الحديث الذي عند مسلم ، ثم أخذه . قال
الشعبي كما في (البداية والنهاية) و (تاريخ دمشق) : (ولم نكن مع ذلك
بَرَرةً أتقياء، ولا فجرة أقوياء) ، يعني حين خرجوا على الحجاج بن يوسف
الثقفي واستمر القتال أشهراً . و لكن سعيد بن جبير ، كما في (البداية
والنهاية) نقلاً عن (الحلية) واجه الحجاج بكلمات الحق في محاورته له ، و
قبل أن يقتله دعا فقال : (اللهم لا تسلطه على أحد بعدي ) و نقل ابن كثير أن
الحجاج لم يقتل أحدا بعده ، فأثمرت كلمات الحق من سعيد بن جبير وكذلك
دعاؤه في زوال الحجاج ، ولم ينفع الخروج والقتال ، لأن الاستقامة و الأمر
بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعاء أقرب للتغيير إلى الأفضل والتخلص من
الظلمة .
و عندما يُكثِر الظالم الفساد فإن هذه هي سنة الله (الَّذِينَ
طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ، فَصَبَّ
عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )
الفجر .