[size=21]قراءة مائة آية في الليل
عَنْ تَمِيمٍ الداريّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (مَنْ قَرَأَ بِمِئَةِ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ) .
وقراءة
مئة آية أمر سهل لن يقتطع من وقتك أكثر من عشر دقائق ، ويمكن أن تدرك هذا
الفضل إن كان وقتك ضيقا بقراءة أول أربع صفحات من سورة الصافات مثلا ، أو
قراءة سورة القلم والحاقة .
وإذا فاتك قراءتها بالليل فاقضها ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر ، ولا تكسل عنها ، تدرك
ثوابها بإذن
الله تعالى ؛ لما رواه عمر بْنُ الْخَطَّابِ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
(مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ ، فَقَرَأَهُ فِيمَا
بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا
قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ) .
قال
المباركفوري رحمه الله تعالى معلقا على حديث عمر بن الخطاب : وَالْحَدِيثُ
يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اِتِّخَاذِ وِرْدٍ فِي اللَّيْلِ ، وَعَلَى
مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ إِذَا فَاتَ لِنَوْمٍ أَوْ لِعُذْرٍ مِنْ
الأَعْذَارِ , وَأَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ إِلَى
صَلاةِ الظُّهْرِ ، كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ ، وَقَدْ ثَبَتَ
مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا
أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا مَنَعَهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ
وَجَعٌ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً اهـ .
ولعل هذا الحديث يستحثك على أن يكون لك ورد يومي من القرآن خصوصا بالليل .
ألا تعلم بأن النبي حثنا على قراءة عشر آيات على الأقل بالليل كي لا نكتب من الغافلين؟
فقد
روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله : (من
قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين ، ومن قام بمئة آية كُتب من القانتين ،
ومن قام بألف آية كُتب من المقنطرين) .
فهل نحرص على قراءة كتاب الله عز وجل؟ ينبغي أن لا يكون ختمنا له مقتصرا على شهر رمضان فحسب ، وإنما يكون ذلك طوال العام .
ولعل الحرص على قراءة مئة آية يوميا للحصول على ثواب قيام ليلة انطلاقة مباركة لحثنا على ملازمة كتاب الله عز وجل .
قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في الليل
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ : (مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) .
قال
النووي رحمه الله تعالى : قِيل : مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَام
اللَّيْل ، وَقِيلَ : مِنْ الشَّيْطَان, وَقِيلَ : مِنْ الآفَات,
وَيَحْتَمِل مِنْ الْجَمِيع اهـ .
وأيَّد
ابن حجر رحمه الله تعالى هذا الرأي قائلا : وَعَلَى هَذَا فَأَقُول :
يَجُوز أَنْ يُرَاد جَمِيع مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَم ، وَالْوَجْه
الأَوَّل ورد صَرِيحًا مِنْ طَرِيق عَاصِم عَنْ عَلْقَمَة عَنْ أَبِي
مَسْعُود رَفَعَهُ : "مَنْ قَرَأَ خَاتِمَة الْبَقَرَة أَجْزَأَتْ عَنْهُ
قِيَام لَيْلَة" اهـ .
إن
قراءة هاتين الآيتين أمر سهل جدا ومعظم الناس يحفظونهما ولله الحمد ، فحري
بالمسلم المحافظة على قراءتها كل ليلة ، ولا ينبغي الاقتصار على ذلك
لسهولته وترك بقية الأعمال الأخرى التي
ثوابها كقيام الليل ؛ لأن المؤمن هدفه جمع أكبر قدر ممكن من الحسنات ، كما أنه لا يدري أي العمل سيُقبل منه .
قال
عبد الله بن عمير رحمه الله تعالى : لا تقنعن لنفسك باليسير من الأمر في
طاعة الله عز وجل كعمل المهين الدنيء ، ولكن اجتهد فعل الحريص الحفي اهـ .
حسن الخلق
عَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ :
(إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ
اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ) .
قال
أبو الطيب محمد شمس الدين آبادي رحمه الله تعالى : وَإِنَّمَا أُعْطِيَ
صَاحِب الْخُلُق الْحَسَن هَذَا الْفَضْل الْعَظِيم ؛ لِأَنَّ الصَّائِم
وَالْمُصَلِّي فِي اللَّيْل يُجَاهِدَانِ أَنْفُسهمَا فِي مُخَالَفَة
حَظّهمَا , وَأَمَّا مَنْ يُحْسِن خُلُقه مَعَ النَّاس مَعَ تَبَايُن
طَبَائِعهمْ وَأَخْلَاقهمْ ، فَكَأَنَّهُ يُجَاهِد نُفُوسًا كَثِيرَة ،
فَأَدْرَكَ مَا أَدْرَكَهُ الصَّائِم الْقَائِم فَاسْتَوَيَا فِي
الدَّرَجَة ، بَلْ رُبَّمَا زَادَ اهـ .
وحسن الخلق يكون بتحسين المعاملة مع الناس وكف الأذى عنهم .
إن
المرء لم يُعط بعد الإيمان شيئا خيرا من خلق حسن ، ولقد كان النبي يسأل
ربه عز وجل أحسن الأخلاق ، حيث روى جابر بن عبد الله أن النبي كان إذا
استفتح الصلاة كبر ثم قال : (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهم اهدني لأحسن الأعمال
وأحسن الأخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق ،
لا يقي سيئها إلا أنت) .
وكذلك
يفعل كلما نَظَرَ في المِرآة ، حيث روى ابن مسعود قال : كان رسول اللّه
إذا نظر في المرآة قال : (اللهم كما حسنت خَلْقِي فحسن خُلُقِي) .
وصاحب
الخلق الحسن من أحب الناس إلى رسول الله وأقربهم إليه مجلسا يوم القيامة ،
روى لنا ذلك جابر أن رسول الله قال : (إن من أحبكم إلي ، وأقربكم مني
مجلسا يوم القيامة ؛ أحاسنكم أخلاقا) .
وسيجعل
الله عز وجل لصاحب الخلق الحسن قصرا في أعلى الجنة ؛ لعظم ثوابه وتكريما
له ؛ لما رواه أبو أُمَامَةَ الباهلي أن رسول الله قال : (أنا زَعِيمٌ ببيت
في رَبَضِ الجنة لمن ترك الْمِرَاءَ وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة
لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسَّنَ خُلُقَهُ )
.
وينبغي
أن لا يكون حسن خلقك مقصورا على الأباعد من الناس فقط وتنسى أقرب الناس
إليك ، وإنما أن يمتد أيضا إلى والديك وأفراد أسرتك ، فبعض الناس تراه مرحا
وسيع الصدر ودمث الأخلاق مع الناس ولكنه على خلاف ذلك مع أهله وأولاده .
السعي في خدمة الأرملة والمسكين
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ : (السَّاعِي عَلَى
الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ ؛ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ
الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) .
ويمكن أن تكسب هذا الثواب الجزيل ، لو سعيت في خدمة فقير ، فقدمت أوراقه لجمعية خيرية مثلا ليدرسوا حالته ويعطوه حاجته .
كما
يمكن أن تكسب هذا الثواب العظيم ، لو سعيت في خدمة أرملة ، وهي التي مات
عنها زوجها ، فتقضي حوائجها ، وهذا ليس بالأمر العسير ، لأنك لو فتشت في
أهل قرابتك ستجد البعض ممن مات عنها زوجها من عمة أو خالة أو جدة ،
فبخدمتها وشراء حاجياتها تكسب ثواب الجهاد أو قيام
الليل .
المحافظة على بعض آداب الجمعة
عن
أوْس بْن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ :
(مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ
، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ ، وَدَنَا مِنْ الإِمَامِ ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ
يَلْغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ ؛ أَجْرُ صِيَامِهَا
وَقِيَامِهَا) .
فخطوة واحدة إلى الجمعة ممن أدى هذه الآداب لا يعدل
ثوابها قيام ليلة أو أسبوع أو شهر ، وإنما يعدل سنة كاملة ، فتأمل في عظم هذا الثواب .
وهذه
الآداب تتمثل في الاغتسال ليوم الجمعة والتبكير والمشي إليها ، والدنو من
الإمام ، وعدم الابتعاد إلى الصفوف الأخيرة ، وحسن الاستماع للخطبة ، وعدم
العبث واللغو .
ولنعلم أن أي عبث أثناء الخطبة يُعدُّ لغوا ، ومن لغا
فلا جمعة له ، فمن مس الحصى فقد لغا ، ومن قال صه فقد لغا : أي من قال
لصاحبه أو ابنه الصغير : اسكت فقد لغا ، ومن عبث بسبحته أو جواله أو بأي
شيء أثناء الخطبة فقد لغا .
فلا ينبغي التفريط بآداب الجمعة البتة كي لا تخسر هذا الثواب العظيم الذي سيثقل ميزانك كثيرا ، ويمنحك ثواب قيام سنوات كثيرة .
رباط يوم وليلة في سبيل الله عز وجل
روى
سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله يقول : (رباط يوم وليلة خير من صيام
شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأُجري عليه رزقه ،
وأمِنَ الفتَّان) ، والفتَّان هو فتنة القبر .
أن تنوي قيام
الليل قبل النوم
عَنْ
أَبِي الدَّرْدَاءِ ، يرفعه إلى النبي قَالَ : (مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ
وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ، فَغَلَبَتْهُ
عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى ، وَكَانَ نَوْمُهُ
صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ) .
أرأيت
أهمية النية وأنها تجري مجرى العمل ؟ لذلك ندرك خطورة من ينام وهو لا ينوي
أداء صلاة الفجر في وقتها ، وإنما تراه يضبط المنبه على وقت العمل أو
المدرسة ، فهذا إنسان مصر على ارتكاب كبيرة من الكبائر ، فلو مات عليها
ساءت خاتمته عياذا بالله .
أما من نوى قيام الفجر وبذل أسباب ذلك ثم لم يقم ، فلا لوم عليه ؛ لأنه ليس في النوم تفريط ، وإنما التفريط في اليقظة .
أن تُعلِّم غيرك الأعمال التي
ثوابها كقيام الليل
فإن تعليمك الناس للأعمال التي
ثوابها كقيام الليل وسيلة أخرى تنال بها ثواب قيام
الليل ، فالدال على الخير كفاعله ، فكن داعية خير وانشر هذه المعلومات تكسب ثوابا بعدد من تعلم منك وعَمِلَ به.