خواطر اسلامية
مع ميلاد جديد
عبداللطيف فايد
غدا يبدأ عام جديد، والناس يعيشون ليلته فى مرح وسرور سواء في الغرف المحدودة أو فى الشوارع الفسيحة لكنهم حين يمرحون ينسون المعنى الكبير لتوالى الأيام فكلما مر يوم نقص من عمر الإنسان يوم، ونهاية العمر هى وقت الحساب، ومعنى ذلك كله أنه كلما قدم يوم اقترب موعد الحساب يوما، وهذا هو ما يجب أن يعيه الإنسان وأن يعمل من أجله، والعمل من أجله هو الإكثار من النفع والحسنات وتقديم الخير للآخرين والأخذ بالأسباب ليكون الحساب يسيرا مقدورا عليه، وتثقل فيه كفة الحسنات عن كفة السيئات.
فالأيام حين تتوالى تعطى معنى انتهاء الزمن واقتراب النهاية، وهو الوقت الذى يجب أن يملأ سلوك الإنسان بالعمل النافع له ولغيره من الناس، فما استحق الحياة من عاش لنفسه فقط، ومن هنا كان الإيثار معنى من المعانى العظيمة التى يحضنا الإسلام عليها فنعيش بها ونعيش من أجلها.
قضية الزمن قضية كبيرة فى الحياة فكلما استقبل الإنسان يوما جديدا ودع من حياته يوما ماضيا، وهذا الوقت الدقيق فى الزمن بين اليومين هو ما يجب أن يحسب الإنسان حسابه ويعتبر بما مضى ويستعد لاستقبال الجديد الذى يجب أن يملأه النفع بالبشرية كلها، والبشرية تبدأ بالجار الذى أمر الإسلام بالإحسان إليه وحض عليه الوحى المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه بواسطة جبريل ملك الوحى عليه السلام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» يعنى أنه سيجعل له نصيبا فى الميراث شأن الأبناء والآباء وبقية العصبيات وذوى الأرحام.
هذه المعانى العظيمة يجب أن يلتفت إليها الناس وهم يودعون عاما ويستقبلون عاما جديدا، ولكنهم يفعلون فى هذا الزمن الفاصل بين عامين وقتا للمرح واللهو وقد حدثتنى نفسى ذات عام بأن أخرج إلى الشوارع الفسيحة ليلة ميلاد عام جديد فوجدت الشوارع مزدحمة بالناس من رجال ونساء، والكل يصيح ويلهو ويغنى بكلمات مباحة وكلمات غير مباحة، وقد نسى الجميع لحظة الاعتبار بمرور الزمن واستقبال الجديد منه فى عام قادم، مع أن هذه اللحظة يجب أن تكون لحظة حساب للنفس على ما قدم وعلى ما يجب أن يستقبله فى الزمن الجديد.
إن قضية الزمن يجب أن يعمل الإنسان لها حسابا شديدا مع نفسه على ما قدم وأخر من أعمال. والإسلام يحضنا دائما على العمل الصالح ويحببنا فيه بأنه يعود على النفس بالنفع والخير وأن الإساءة تضر صاحبها، وكأن هذه العملية تتم فى لحظة دقيقة من حياة الإنسان وقد رغب الإسلام فى العمل الصالح وأضافه إلى نفس العامل فقال سبحانه: «من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها» وهذا يدفعنا إلى حب العمل الصالح واقترافه لأنه هو الرصيد الباقى للإنسان فى حياته والذى سيحاسب عليه يوم القيامة حسابا عادلا ندعو الله تعالى أن يكون فى ميزان الحسنات الثقيلة يوم الحساب.
منقووول