تأملوا في قصة هذه المرأة ، والتي جاءت في الصحيحين عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:" بينما كلب يُطيف برَكيَّة (أي بئر) كاد يقتله العطش؛ إذ
رأته بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها (أي خفها)
واستقت له به، فسقته إياه، فَغُفر لها به " .
انظروا ما الذي قام بقلب هذه المرأة الزانية ، من الرحمة ،
مع عدم الآلة التي تسقي بها الماء، وعدم وجود المعين على
السقي، وعدم وجود من ترائيه بعملها ، فغَرَّرَت المرأة الضعيفة
بنفسها في نزول البئر، وملأت الماء في خفها، ولم تعبأ
بتعرضه للتلف، ثم حملت الخف بفمها وهو ملآن ، ثم تواضعت
لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه، فأمسكت له
الخف بيدها حتى شرب من غير أن ترجو منه جزاء ولا شكوراً .
قال ابن القيم: فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم
منها من البغاء، فَغُفر لها .
منقووول