الحث على صلة الرحم
الحمد لله المعز لمن أطاعه واتبع رضاه ، أوجب صلة القربى وأعظم في ذلك الثواب والأجر ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أمر بصلة الرحم وإن قطعت ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
عباد الله : اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله أمرنا بصلة الرحم كما أمر من سبقنا من الأمم وهي من الميثاق الذي أخذ على بني إسرائيل قال عز وجل {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لاتعبدون إلا الله وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة/83]
ولما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطلع رسالته ماذا يأمركم به ؟ قال: يقول: أعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباءكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
ولقد قرن الله الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك والإحسان إلى الوالدين والأقربين فقال عز وجل {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى}[النساء/36] فصلة الأرحام حق لكل من يمت إليك بصلة نسب أو قرابة وكلما كان أقرب كان حقه ألزم وأوجب ، رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية وأحقهم بالعناية وأجدرهم بالإكرام والحماية ،وأساس التواصل هو التواد والتراحم وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال قال عز وجل {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}[الرعد/25]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) متفق عليه( )
صلة الرحم محبة في الأهل ومثراة في المال ومنسأة في الأثر وبركة في الرزق وتوفيق في الحياة وعمارة للديار، يكتب الله بها العزة وتمتليء بها القلوب إجلالا وهيبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أجله ،فليصل رحمه ) متفق عليه ( )
أفضل النفقة: النفقة على الأقارب قال سبحانه {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين}[البقرة/215] ولقد جعل الله لذي القربى حق في الأعناق يوفى بالإنفاق {وآت ذا القربى حقه}[الإسراء/26] فليس هو تفضلا إنما هو الحق الذي فرضه الله والصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة، الصدقة عليهم ثوابها مبرور وأجرها مضاعف
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : حين عن إنفاق زينب على زوجها عبد الله ابن مسعود وأيتام لها قال: نعم له أجرها مرتين أجر القرابة وأجر الصدقة ) رواه الترمذي( )
قريبك منك إن أحسنت إليه فإنما تحسن إلى شخصك وإن بخلت عليه فإنما تبخل عن نفسك وإذا لم يجد إنسانا ما يؤدي به حق الأقربين فليقل لهم قولا لينا ففي القول الميسور عوض وأمل وتجمل .
بصلتهم تقوى المودة وتزيد المحبة وتتوثق عرى القرابة وتزول العداوة و الشحناء.
صلة الرحم والإحسان إلى الأقربين ذات مجالات واسعة ودروب شتى فمن بشاشة عند اللقاء ولين في المعاملة إلى طيب في القول وطلاقة في الوجه زيارات وصلات وتفقد والمعنى الجامع لذلك كله إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بدون تعصب وهوى ورد للحق والهدى قال عز وجل {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن كان الله بما تعملون خبيرا}[النساء/135]
صلة الرحم أمارة على كرم النفس وحسن الوفاء سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم )( )
فضائل عديدة وعوائد عظيمة ،ومع كل ذلك ومع هذه الآيات والأحاديث فإن في الناس من تموت عواطفه ويغفل عن الرشد فؤاده، فلا يلتفت إلى أهل ولا يسأل عن قريب،ن إن أسرع الخير ثوابا البر وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم ، ومع هذا ترى من يسارع إلى قطع الرحم لنزاع في وصية وثلث القريب أو على شبر من الأرض أو لكلمة تفوه بها قريبه لو نطق بها عدوه لما عاتبه عليها ، إن ذوي الرحم ليسوا معصومين يتعرضون للزلل وينطقون بالخطأ وتصدر منهم الهفوة ويقعون في الكبيرة فإن بدر منهم شيء من ذلك فالزم جانب العفو معهم فإن العفو من شيم المحسنين وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وقابل إساءتهم بالإحسان واقبل عذرهم إذا أخطأو ، لقد فعل إخوة يوسف مع يوسف ما فعلوا وعند ما اعتذروا قبل عذرهم وصفح عنهم الصفح الجميل ولم يوبخهم بل دعا لهم وسأل الله المغفرة لهم قال عز وجل عنه {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف/92] غض عن الهفوات وعفو عن الزلات وإقالة للعثرات ود وإخاء لين وصفاء شهامة ووفاء، مداومة على صلة الرحم ولو قطعوا، ومبادرة بالمغفرة وإن أخطأو، وإحسان إليهم وإن أساءوا، إن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافئة ومجازأة ولكن الواصل من يتفضل على صاحبه ولو أساء إليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها ) ( )
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال عليه الصلاة والسلام: لئن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك ( ) إن الصفح عنهم ونسيان معايبهم وإن لم يعتذروا من كرم النفس وعلو الهمة ومن لم يعاشر الناس على لزوم الإغضاء عما يتأثرون من المكروه وترك التوقع لما يأتون من المحبوب كان إلى تفسير عيشه أقرب منه إلى صفائه وإلى أن يدفعه الوقت إلى العداوة والبغضاء أقرب منه أن ينال منهم الود وترك الشحناء
عباد الله :
أيها المسلم تجنب الشدة في عتاب الأرحام فالكريم يعطي الناس حقوقهم ويتغاضى عن حقه، تحمل عتاب الأقارب واحمله على أحسن المحامل فهذا أدب الفضلاء ودأب النبلاء وإن من تمت مروءاتهم وكملت أخلاقهم من وسعوا الناس بحلمهم فاتقوا الله عباد الله وصلوا أرحامكم وقدموا لهم الخير ولو جفوا، وصلوهم وإن قطعوا، يدم الله عليكم بركاته ويبسط لكم في أرزاقكم ويبارك لكم في أعمالكم قال عز وجل {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم}[الأنفال/75]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى وأطيعوه
أيها المسلم:
رحمك لا يملك على القرب ولا ينساك في البعد، وإن دنوت منه داناك وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به أعانك، وإن احتجت إليه رفدك ،مودة فعله أكثر من مودة قوله، ولا فكاك لك عنه فعزه عز لك ،وذله ذل لك معاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيه خاسر، والمنتصر مهزوم، وذات البين إذا لم تُصلَح ويبادر إلى إصلاحها فشرها يستطير وبنار بلاءها يكتوي الجميع
يقول ابن عباس رضي الله عنه : احفظوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا بُعد للرحم إذا قَرُبت وإن كانت بعيدة، ولا قربى بها إذا بَعُدت وإن كانت قريبة، وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها .
ومن الكبائر أن يقطع المرء رحمه ولا يصل قرابته، لقد قرن الله ذلك بالإفساد في الأرض فقال {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم(22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد/22-23] فالصفات المذمومة تتوالى على قاطع الأرحام وهاجر الأقارب تارة من الفاسقين وطورا من الخاسرين إذا كانوا كما وصفهم الله بقوله {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين(26) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون}[البقرة/26-27]
إن الدافع للقطيعة: هو الجهل بعواقبها العاجلة والآجلة والجهل بفضائل وصلها، وإن ذلك من ضعف اليقين ورقة الدين ومن الشح والبخل والإشتغال بالدنيا واللهث وراء حطامها ، فلا يجد هذا اللاهث وقتا يصل به قرابته ويتودد إليهم .
قطيعة الرحم ذنب عظيم تفصم الروابط وتبعث على التناحر وتشيع البغضاء والشنآن مزيلة للألفة والمودة مؤذنة بزوال النعمة وسوء العاقبة وتعجيل العقوبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة قاطع ) ( )
عقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) ( )
القطيعة سبب للذلة والصغار والتفرد جالبة للهم والغم قاطع الرحم يشعر بقطيعة الله له مهما صادف من مظاهر التبجيل ، بالقطيعة تتفكك العرى وتنحل الروابط
يقول الحسن البصري رحمه الله : إذا أظهر الناس العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتقاطعوا بالأرحام لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم لقد كان الصحابة يستوحشون الجلوس مع قاطع الرحم
ففي الأدب المفرد : أن أباهريرة رضي الله عنه جاء عشية الخميس ليلة الجمعة فقال: أحرج على كل قاطع رحم لما قام من عندنا . فلم يقم أحد حتى قال ثلاثا، فأتى فتى عمة له قد فرمها يعني تركها منذ سنتين فدخل عليها فقالت له : يا ابن أخي ما جاء بك قال: سمعت أبا هريرة يقول كذا وكذا قالت : ارجع إليه فاسأله لم قال ذلك . قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم ( )
وكان ابن مسعود رضي الله عنه جالسا في حلقة بعد الصبح فقال: أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعوا ربنا وإن أبواب السماء مرتجة أي مغلقة دون قاطع رحم .
عباد الله : إن لحسن الخلق تأثيرا في الصلة وله أثر عظيم فيها فتعاهد أقاربك، أكرم كريمهم، وعد سقيمهم ،ويسرعلى معسرهم، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك، فاتقوا الله عباد الله وصلوا أرحامكم فحق القريب رحم موصولة، وحسنات مبذولة، وهفوات محمولة، وأعذار مقبولة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : يأيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصِلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) ( )
عباد الله :
{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب/56] وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)( )
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارضى اللهم عن الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واحم حوزة الدين
اللهم انصر دينك وانصر من نصر دينك واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين
اللهم إنا نعوذ بك من شر اليهود والنصارى والرافضة
اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا وأصلح ووفق ولاة أمورنا
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجنا ولإخواننا ولأخواتنا ولأعمامنا ولعماتنا ولأخوالنا ولخالاتنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الحمد لله المعز لمن أطاعه واتبع رضاه ، أوجب صلة القربى وأعظم في ذلك الثواب والأجر ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أمر بصلة الرحم وإن قطعت ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
عباد الله : اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله أمرنا بصلة الرحم كما أمر من سبقنا من الأمم وهي من الميثاق الذي أخذ على بني إسرائيل قال عز وجل {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لاتعبدون إلا الله وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة/83]
ولما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطلع رسالته ماذا يأمركم به ؟ قال: يقول: أعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباءكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
ولقد قرن الله الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك والإحسان إلى الوالدين والأقربين فقال عز وجل {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى}[النساء/36] فصلة الأرحام حق لكل من يمت إليك بصلة نسب أو قرابة وكلما كان أقرب كان حقه ألزم وأوجب ، رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية وأحقهم بالعناية وأجدرهم بالإكرام والحماية ،وأساس التواصل هو التواد والتراحم وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال قال عز وجل {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}[الرعد/25]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) متفق عليه( )
صلة الرحم محبة في الأهل ومثراة في المال ومنسأة في الأثر وبركة في الرزق وتوفيق في الحياة وعمارة للديار، يكتب الله بها العزة وتمتليء بها القلوب إجلالا وهيبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أجله ،فليصل رحمه ) متفق عليه ( )
أفضل النفقة: النفقة على الأقارب قال سبحانه {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين}[البقرة/215] ولقد جعل الله لذي القربى حق في الأعناق يوفى بالإنفاق {وآت ذا القربى حقه}[الإسراء/26] فليس هو تفضلا إنما هو الحق الذي فرضه الله والصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة، الصدقة عليهم ثوابها مبرور وأجرها مضاعف
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : حين عن إنفاق زينب على زوجها عبد الله ابن مسعود وأيتام لها قال: نعم له أجرها مرتين أجر القرابة وأجر الصدقة ) رواه الترمذي( )
قريبك منك إن أحسنت إليه فإنما تحسن إلى شخصك وإن بخلت عليه فإنما تبخل عن نفسك وإذا لم يجد إنسانا ما يؤدي به حق الأقربين فليقل لهم قولا لينا ففي القول الميسور عوض وأمل وتجمل .
بصلتهم تقوى المودة وتزيد المحبة وتتوثق عرى القرابة وتزول العداوة و الشحناء.
صلة الرحم والإحسان إلى الأقربين ذات مجالات واسعة ودروب شتى فمن بشاشة عند اللقاء ولين في المعاملة إلى طيب في القول وطلاقة في الوجه زيارات وصلات وتفقد والمعنى الجامع لذلك كله إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بدون تعصب وهوى ورد للحق والهدى قال عز وجل {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن كان الله بما تعملون خبيرا}[النساء/135]
صلة الرحم أمارة على كرم النفس وحسن الوفاء سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم )( )
فضائل عديدة وعوائد عظيمة ،ومع كل ذلك ومع هذه الآيات والأحاديث فإن في الناس من تموت عواطفه ويغفل عن الرشد فؤاده، فلا يلتفت إلى أهل ولا يسأل عن قريب،ن إن أسرع الخير ثوابا البر وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم ، ومع هذا ترى من يسارع إلى قطع الرحم لنزاع في وصية وثلث القريب أو على شبر من الأرض أو لكلمة تفوه بها قريبه لو نطق بها عدوه لما عاتبه عليها ، إن ذوي الرحم ليسوا معصومين يتعرضون للزلل وينطقون بالخطأ وتصدر منهم الهفوة ويقعون في الكبيرة فإن بدر منهم شيء من ذلك فالزم جانب العفو معهم فإن العفو من شيم المحسنين وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وقابل إساءتهم بالإحسان واقبل عذرهم إذا أخطأو ، لقد فعل إخوة يوسف مع يوسف ما فعلوا وعند ما اعتذروا قبل عذرهم وصفح عنهم الصفح الجميل ولم يوبخهم بل دعا لهم وسأل الله المغفرة لهم قال عز وجل عنه {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف/92] غض عن الهفوات وعفو عن الزلات وإقالة للعثرات ود وإخاء لين وصفاء شهامة ووفاء، مداومة على صلة الرحم ولو قطعوا، ومبادرة بالمغفرة وإن أخطأو، وإحسان إليهم وإن أساءوا، إن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافئة ومجازأة ولكن الواصل من يتفضل على صاحبه ولو أساء إليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها ) ( )
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال عليه الصلاة والسلام: لئن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك ( ) إن الصفح عنهم ونسيان معايبهم وإن لم يعتذروا من كرم النفس وعلو الهمة ومن لم يعاشر الناس على لزوم الإغضاء عما يتأثرون من المكروه وترك التوقع لما يأتون من المحبوب كان إلى تفسير عيشه أقرب منه إلى صفائه وإلى أن يدفعه الوقت إلى العداوة والبغضاء أقرب منه أن ينال منهم الود وترك الشحناء
عباد الله :
أيها المسلم تجنب الشدة في عتاب الأرحام فالكريم يعطي الناس حقوقهم ويتغاضى عن حقه، تحمل عتاب الأقارب واحمله على أحسن المحامل فهذا أدب الفضلاء ودأب النبلاء وإن من تمت مروءاتهم وكملت أخلاقهم من وسعوا الناس بحلمهم فاتقوا الله عباد الله وصلوا أرحامكم وقدموا لهم الخير ولو جفوا، وصلوهم وإن قطعوا، يدم الله عليكم بركاته ويبسط لكم في أرزاقكم ويبارك لكم في أعمالكم قال عز وجل {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم}[الأنفال/75]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى وأطيعوه
أيها المسلم:
رحمك لا يملك على القرب ولا ينساك في البعد، وإن دنوت منه داناك وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به أعانك، وإن احتجت إليه رفدك ،مودة فعله أكثر من مودة قوله، ولا فكاك لك عنه فعزه عز لك ،وذله ذل لك معاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيه خاسر، والمنتصر مهزوم، وذات البين إذا لم تُصلَح ويبادر إلى إصلاحها فشرها يستطير وبنار بلاءها يكتوي الجميع
يقول ابن عباس رضي الله عنه : احفظوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا بُعد للرحم إذا قَرُبت وإن كانت بعيدة، ولا قربى بها إذا بَعُدت وإن كانت قريبة، وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها .
ومن الكبائر أن يقطع المرء رحمه ولا يصل قرابته، لقد قرن الله ذلك بالإفساد في الأرض فقال {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم(22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد/22-23] فالصفات المذمومة تتوالى على قاطع الأرحام وهاجر الأقارب تارة من الفاسقين وطورا من الخاسرين إذا كانوا كما وصفهم الله بقوله {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين(26) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون}[البقرة/26-27]
إن الدافع للقطيعة: هو الجهل بعواقبها العاجلة والآجلة والجهل بفضائل وصلها، وإن ذلك من ضعف اليقين ورقة الدين ومن الشح والبخل والإشتغال بالدنيا واللهث وراء حطامها ، فلا يجد هذا اللاهث وقتا يصل به قرابته ويتودد إليهم .
قطيعة الرحم ذنب عظيم تفصم الروابط وتبعث على التناحر وتشيع البغضاء والشنآن مزيلة للألفة والمودة مؤذنة بزوال النعمة وسوء العاقبة وتعجيل العقوبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة قاطع ) ( )
عقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) ( )
القطيعة سبب للذلة والصغار والتفرد جالبة للهم والغم قاطع الرحم يشعر بقطيعة الله له مهما صادف من مظاهر التبجيل ، بالقطيعة تتفكك العرى وتنحل الروابط
يقول الحسن البصري رحمه الله : إذا أظهر الناس العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتقاطعوا بالأرحام لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم لقد كان الصحابة يستوحشون الجلوس مع قاطع الرحم
ففي الأدب المفرد : أن أباهريرة رضي الله عنه جاء عشية الخميس ليلة الجمعة فقال: أحرج على كل قاطع رحم لما قام من عندنا . فلم يقم أحد حتى قال ثلاثا، فأتى فتى عمة له قد فرمها يعني تركها منذ سنتين فدخل عليها فقالت له : يا ابن أخي ما جاء بك قال: سمعت أبا هريرة يقول كذا وكذا قالت : ارجع إليه فاسأله لم قال ذلك . قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم ( )
وكان ابن مسعود رضي الله عنه جالسا في حلقة بعد الصبح فقال: أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعوا ربنا وإن أبواب السماء مرتجة أي مغلقة دون قاطع رحم .
عباد الله : إن لحسن الخلق تأثيرا في الصلة وله أثر عظيم فيها فتعاهد أقاربك، أكرم كريمهم، وعد سقيمهم ،ويسرعلى معسرهم، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك، فاتقوا الله عباد الله وصلوا أرحامكم فحق القريب رحم موصولة، وحسنات مبذولة، وهفوات محمولة، وأعذار مقبولة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : يأيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصِلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) ( )
عباد الله :
{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب/56] وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)( )
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارضى اللهم عن الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واحم حوزة الدين
اللهم انصر دينك وانصر من نصر دينك واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين
اللهم إنا نعوذ بك من شر اليهود والنصارى والرافضة
اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا وأصلح ووفق ولاة أمورنا
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجنا ولإخواننا ولأخواتنا ولأعمامنا ولعماتنا ولأخوالنا ولخالاتنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
منقول
[b]