الأخـــلاق في الإســلام
الأخلاق والممارسة الإيمانية
إن
الأخلاق في الإسلام لا تقوم على نظريات مذهبية ، ولا مصالح فردية ، ولا
عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها ، وإنما هي فيض من ينبوع الإيمان يشع
نورها داخل النفس وخارجها ، فليس الأخلاق فضائل منفصلة ، وإنما هي حلقات
متصلة في سلسلة واحدة ، عقيدته أخلاق ، وشريعته أخلاق ، لا يخرق المسلم
إحداها إلا أحدث خرقا في إيمانه .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ،
ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن » وسئل صلى
الله عليه وسلم : « أيكذب المؤمن ؟ قال : (لا) ثم تلا قوله تعالى : {
إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ }» فالأخلاق دليل الإسلام وترجمته العملية ،
وكلما كان الإيمان قويا أثمر خلقا قويا .
دوام الأخلاق وثباتها
كما
أن الأخلاق في الإسلام ليست لونا من الترف يمكن الاستغناء عنه عند اختلاف
البيئة ، وليست ثوبا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء ، بل إنها
ثوابت شأنها شأن الأفلاك والمدارات التي تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير
الزمان لأنها الفطرة { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }
آثار ثبات الأخلاق :
يترتب على خاصية الثبات في الأخلاق الإسلامية الآثار والمزايا التالية :
1- تخليص المجتمعات من ظاهرة القلق والإضرابات التي تسودها ، وتمكين
الأواصر الإنسانية بالود والرحمة بينهما ، خلافا للمجتمعات التي تتبدل فيها
القيم الاجتماعية بحسب التغيرات الاقتصادية ، حيث نجدها تعيش في قلق
واضطراب .
2- التفريق بين الأخلاق والتقاليد ، فالأخلاق ثابتة لأنها جزء من الدين
الموصى به ، وهي بذلك كيان متكامل رباني المصدر ، إنساني الهدف . أما
التقاليد فمن طبيعتها أن تتغير كلما تغيرت مبررات وجودها ، ولكن ليس
بالإمكان تغير الأخلاق ، لأنها تقوم على أسس ثابتة كالحق والعدل والخير .
3- إن عامل الثبات في الأخلاق يبعث الطمأنينة في حياة الفرد ، وفي حياة
المجتمع . والثبات على الأخلاق مطلوب لأن الأمور بخواتيمها وبدون الاستقامة
والثبات على الحق تفوت الثمرة ، ولا يصل المسلم إلى الغاية .