Admin مدير عام
الاوسمة : عدد المساهمات : 2964 نقاط : 58168 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 23/06/2010 الموقع : https://sllam.yoo7.com/
| |
Admin مدير عام
الاوسمة : عدد المساهمات : 2964 نقاط : 58168 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 23/06/2010 الموقع : https://sllam.yoo7.com/
| موضوع: رد: خطبة الجمعة بعنوان"تزكية النفوس وإصلاح القلوب"، الخميس 10 يناير - 15:09 | |
| الحمد لله الوليِّ الحميد، الفعَّال لما يُريد، أحمده - سبحانه - يخلُق ما يشاءُ ويفعلُ ما يُريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نتَّقي بها نارًا حرُّها شديد، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسوله صاحبُ الخُلُق الراشدِ والنهجِ السديد، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
فيا عباد الله: إن النقصَ والتقصيرَ والخطأ لا ينفكُّ عنه إنسانٌ، ولا يسلَمُ منه إلا من عصمَه الله، ولذا جاء الأمرُ بالتوبة للناس جميعًا بقوله - سبحانه -:
{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31].
والتوبةُ - يا عباد الله - من أعظمِ أسباب التزكيةِ للنفس والإصلاحِ للقلبِ؛ فإن عبوديةَ التوبة - كما قال ابن القيم - يرحمه الله -: "من أحبِّ العبودياتِ إلى الله وأكرمِها عليه؛ فإنه - سبحانه - يحبُّ التوابين، ولو لم تكن التوبةُ أحبَّ الأشياء إليه لما ابتَلَى بالذنبِ أكرمَ الخلقِ عليه، فلمحبَّته لتوبةِ عبادهِ ابتلاه بالذنبِ الذي يُوجِبُ وقوعَ محبوبهِ من التوبةِ، وزيادةَ محبَّته لعبده؛ فإن للتوبة عنده - سبحانه - منزلةً ليست لغيرها من الطاعات، ولهذا يفرحُ - سبحانه - بتوبةِ عبده حين يتوبُ إليه أعظمَ فرحٍ يُقدَّمُ، كما مثَّلَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بفرَحِ الواجدِ لراحِلَته التي عليها طعامُه وشرابُه في الأرضِ الدوِيَّةِ المُهلِكة بعدما فقدَها وأيِسَ من أسباب الحياة، ولم يجِئ هذا الفرحُ - يا عباد الله - في شيءٍ من الطاعاتِ سِوى التوبة.
ومعلومٌ أن لهذا الفرحِ تأثيرًا عظيمًا في حال التائبِ وقلبه، ومزيدُه لا يُعبَّر عنه، وهو من أسبابِ تقدير الذنوبِ على العباد؛ فإن العبدَ ينالُ بالتوبةِ درجةَ المحبوبيَّة فيصيرَ حبيبًا لله، فإن الله يُحبُّ التوابين، ويُحبُّ العبدَ المُفتَّن التوَّاب، ويُوضِّحُه: أن عبوديَّة التوبة فيها من الذلِّ والانكِسار والخُضوع والتملُّقِ لله والتذلُّل له ما هو أحبُّ إليه من كثيرٍ من الأعمال الظاهرة، وإن زادَت في القدرِ والكمية على عبودية التوبة، فإن الذلَّ والانكِسار روحُ العبودية ومُخُّها ولُبُّها. يُوضِّحُ ذلك: أن حُصول مراتب الذلِّ والانكِسار للتائبِ أكملُ منها لغيره، فإنه قد شاركَ من لم يُذنِب في ذلِّ الفقر والعبوديةِ والمحبةِ، وامتازَ عنه بانكِسار قلبه، ولأجل هذا فإن أقربَ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ، كما أخبرَ بذلك نبيُّ الرحمة والهُدى - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مقامُ ذلٍّ وانكِسارٍ بين يدَي ربِّه.
ويُوضِّحُ ذلك: أن الذنبَ قد يكونُ أنفعَ للعبدِ إذا اقترنَت به التوبةُ من كثيرٍ من الطاعات؛ فإنه قد يعملُ الذنبَ فلا يزالُ نُصبَ عينيه إن قامَ وإن قعَد وإن مشَى ذكَر ذنبَه، فيُحدِثُ له انكِسارًا وتوبةً واستِغفارًا وندَمًا، فيكونُ ذلك سببَ نجاته، ويعملُ الحسنةَ فلا تزالُ نُصبَ عينيه إن قامَ وإن قعدَ وإن مشَى، كلما ذكَرَها أورثَتْه عُجبًا وكِبرًا ومِنَّة، فتكونُ سببَ هلاكِه.
فيكون الذنبُ مُوجِبًا لترتُّب طاعاتٍ وحسناتٍ ومُعاملاتٍ قلبيَّةٍ؛ من خوفِ الله والحياء منه، والإطراقِ بين يديه، مُنكِّسًا رأسَه، خجِلاً، باكِيًا، نادِمًا، مُستقيلاً ربَّه.
وكلُّ واحدٍ من هذه الآثار أنفعُ للعبد من طاعةٍ تُوجِبُ له صولةً وكِبرًا وازدِراءً للناس ورؤيتَهم بعين الاحتِقار، ولا ريبَ أن هذا المُذنِبَ خيرٌ عند الله وأقربُ إلى النجاةِ والفوزِ من هذا المُعجَبِ بطاعته، الصائلِ بها، المانِّ بها وبحاله على الله - عز وجل - وعباده". اهـ كلامُه.
ألا وإن عمادَ التزكيةِ التي تُورِثُ الحياةَ الطيبةَ في الدنيا، والفوزَ بعيشِ السُّعداءِ في الآخرةِ، وأساسُها ولُبُّها ورُوحُها: عبادةُ الله على بصيرةٍ، بألا يُعبَدَ - سبحانه - إلا بما شرَعه في كتابه، أو صحَّ به الخبرُ عن رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وهذا يستلزِمُ الاستِمساك بسُنَّته - صلوات الله وسلامه عليه - والعضَّ عليها بالنواجِذ، كما جاء في حديثِ العِرباضِ بن ساريةَ - رضي الله عنه -، وفيه قولُه - صلى الله عليه وسلم -:
( إنه من يعِش منكم فسيرَى اختِلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدى، عضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحدثاتِ الأمور، فإن كل بدعةٍ ضلالةٌ )؛ أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه في "سننهم"، والحاكم، وابنُ حبان في "صحيحه".
وجاء في الحديثِ الذي أخرجه مُسلمٌ في "صحيحه"، والنسائيُّ - واللفظُ له - من حديثِ جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خُطبته:
( نحمَدُ الله ونُثنِي عليه بما هو أهلُه ) ثم يقول:
( من يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِي له، إن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار .. ) الحديث. وفي "الصحيحين" من حديثِ عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ )
وفي لفظٍ لمُسلمٍ - رحمه الله -:
( من عمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ ) أي: مردودٌ على صاحبِه، غيرُ مرضِيٍّ ولا مقبولٍ عند الله. وهذا الحديثُ العظيمُ - كما قال أهلُ العلمِ - قاعدةٌ جليلةٌ، وأصلٌ عظيمٌ في ردِّ الابتِداعِ وإبطال الإحداثِ في دين الله، يجبُ على كل لبيبٍ ناصحٍ لنفسه، مُريدٍ للخيرِ لها أن يضعَه نُصبَ عينيه. وما أحسنَ قول الصحابيِّ الجليلِ حُذيفة بن اليَمان - رضي الله عنه - ناصِحًا به، ومُحذِّرًا أصحابَه القُرَّاء من مُجانَبة سبيل سلفِ الأمةِ وخِيارها، والتردِّي في ظُلمات البِدَع؛ حيث قال - رضي الله عنه -: "كلُّ عبادةٍ لم يتعبَّدها أصحابُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - فلا تعبَّدوها؛ فإن الأولَ لم يدَع للآخر مقالاً، فاتقوا الله - يا معشرَ القُرَّاء - وخُذوا طريقَ من قبلكم". فاتقوا الله - عباد الله -، وحذارِ من الابتِداعِ في دين الله حَذَارِ. وصلُّوا وسلِّموا على النبيِّ المُختار؛ فقد أمَرَكم بذلك ربُّكم بقوله:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا خيرَ من تجاوزَ وعفا.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمع كلمتَهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم انصر دينكَ وكتابكَ وسنةَ نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعبادكَ المؤمنين المُجاهِدين الصادقين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ، ووفِّقه لما تُحبُّ وترضى يا سميعَ الدعاء.
اللهم وفِّقه ووليَّ عهده وإخوانه إلى ما فيه خيرُ الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ العباد والبلاد، يا من إليه المرجِعُ يوم المعاد.
اللهم احفَظ المُسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احفَظ المُسلمين في سُورية، اللهم احفَظ المُسلمين في سُورية، اللهم احفَظ المُسلمين في سُورية، وفي كل بلاد الإسلام يا رب العالمين، اللهم احقِن دماءهم، وكُن لهم، وارحَم عفَهم، واجبُر كسرَهم، واشفِ جرحاهم، وارحَم موتاهم يا رب العالمين، وقِهِم شرَّ الفتن، اللهم قِنا وإياهم شرَّ الفتن، اللهم قِنا وإياهم شرَّ الفتن ما ظهرَ منها وما بطَن يا رب العالمين.
اللهم آتِ نُفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، اللهم أحسِن عاقبتَنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضيكَ آمالَنا، واختِم بالصالحات أعمالَنا. اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ. اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميعِ سخطك.
{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الأعراف: 23]، { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } [البقرة: 201].
وصلِّ اللهم وسلَّم على عبده ورسوله نبيِّنا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
| |
|